وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْ دَخَلَ الْأَوَّلُ فَاتَتْ عَلَى الثَّانِي كَمَا قَالَا فَوَطْءُ الثَّانِي بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَقَدَ عَلَى زَوْجَةِ شَخْصٍ وَدَخَلَ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص " إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَظْهَرِ "

ش: هَذَا شَرْطٌ فِي تَفْوِيتِ دُخُولِ الثَّانِي بِهَا وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ أَنَّ طَلَاقَ الْأَوَّلِ لَا يَضُرُّ الثَّانِيَ سَوَاءٌ عَقَدَ الثَّانِي وَدَخَلَ قَبْلَ طَلَاقِ الْأَوَّلِ، أَوْ عَقَدَ وَدَخَلَ بَعْدَ طَلَاقِهِ، أَوْ عَقَدَ قَبْلَ طَلَاقِهِ وَدَخَلَ بَعْدَ طَلَاقِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا عِدَّةَ فِيهِ، وَأَمَّا فِي وَفَاةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ عَقَدَ الثَّانِي وَدَخَلَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَهِيَ لَهُ وَلَا تَرِثُ الْأَوَّلَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعَقْدُ وَالدُّخُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهِيَ فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ وَتَرِثُهُ وَتَحْرُمُ عَلَى الثَّانِي عَلَى التَّأْبِيدِ، وَكَذَلِكَ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالدُّخُولُ بَعْدَهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَانْظُرْ التَّوْضِيحِ وَكَانَ الْأَلْيَقُ بِقَاعِدَةِ الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُشِيرَ لِابْنِ رُشْدٍ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَا مِنْ الْخِلَافِ وَإِنَّمَا خَرَّجَهُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَسْخ النِّكَاح بِلَا طَلَاق]

ص " وَفَسَخَ بِلَا طَلَاقٍ إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ، أَوْ لِبَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ ثَانٍ لَا إنْ أَقَرَّ، أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ "

ش: اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ يُفْسَخُ فِيهَا النِّكَاحُ لَكِنْ ثِنْتَانِ بِطَلَاقٍ وَثِنْتَانِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَبَعْضُهَا يُفْسَخُ فِيهَا النِّكَاحَانِ مَعًا وَبَعْضُهَا يُفْسَخُ نِكَاحُ أَحَدِهِمَا وَبَعْضُهَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَبَعْضُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَطْ وَجَمَعَهَا الْمُصَنِّفُ لِلِاخْتِصَارِ فَقَوْلُهُ: وَفَسَخَ بِلَا طَلَاقٍ إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ أَشَارَ بِهِ إلَى إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يُفْسَخُ النِّكَاحُ فِيهِمَا بِلَا طَلَاقٍ وَهِيَ مِمَّا يُفْسَخُ فِيهَا النِّكَاحَانِ مَعًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ أَنَّ الْفَسْخَ بِلَا طَلَاقٍ هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّ الْمَشْهُورَ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ وَسَلَّمَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَّا أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ الْفَسْخَ فِيهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَعَلَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتَمَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّهُ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ مَعَ الِاتِّحَادِ لَمْ أَرَهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِاسْتِحَالَةِ الشَّرِكَةِ فِي الزَّوْجَةِ شَرْعًا فَلَمْ تَدْخُلْ فِي عِصْمَةِ أَحَدِهِمَا انْتَهَى، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ التَّوْضِيحِ: وَأَقُولُ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَصْلًا انْتَهَى.

فَإِنْ عَنَى بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مَنْ قَالَ فِيهَا إنَّ الْفَسْخَ بِطَلَاقٍ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ عَنَى بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى مَنْ نَصَّ عَلَى مَسْأَلَةِ اتِّحَادِ الْعَقْدَيْنِ بِزَمَنٍ وَاحِدٍ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ نَصَّ عَلَيْهَا اللَّخْمِيُّ وَالرَّجْرَاجِيُّ وَنَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُمْ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ اتَّحَدَ زَمَنُ الْعَقْدَيْنِ حَتَّى لَا يَكُونَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ هُوَ الْأَوَّلَ، أَوْ تَعَدَّدَ الزَّمَنُ وَلَكِنْ جُهِلَ الْأَوَّلُ مِنْ الزَّمَانَيْنِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْأَوَّلِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فَلَا شَكَّ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْلَى وَلِظُهُورِ الْحُكْمِ فِي هَذَا الْوَجْهِ سَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ وَلَوْ لَمْ يَقَعْ دُخُولٌ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَذَكَرَهَا فَقَوْلُهُ: فَلَا شَكَّ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْلَى قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ مَا إذَا جُهِلَ الزَّمَانُ وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَرُجُوعُهُ لِمَسْأَلَةِ اتِّحَادِ زَمَنِ الْعَقْدَيْنِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ، وَأَمَّا الْوَجْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015