فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ فِي وَثَائِقِهِ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَذَكَرَهُ أَصْبَغُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ؛ إذْ لَعَلَّهَا مَمْلُوكَةٌ الْبَاجِيّ هَذَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: إنَّ النَّاسَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّهُمْ أَحْرَارٌ فَلَا يُحْتَاجُ اهـ.

وَذَكَرَهَا أَيْضًا فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ عَنْ الْجُزُولِيِّ وَذَكَرَ أَيْضًا تُثْبِتُ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَذَكَرَ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ التَّبْصِرَةِ أَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ أَيْضًا فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ فِي الرُّكْنِ السَّادِسِ: مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي الْمَذْهَبِ: يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ لَا يُمَكِّنَ الْمَرْأَةَ مِنْ النِّكَاحِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ مَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ الْبِكْرُ الْيَتِيمَةُ الْبَلَدِيَّةُ إذَا أَرَادَتْ الزَّوَاجَ كَلَّفَهَا إثْبَاتَ يُتْمِهَا وَبَكَارَتِهَا وَبُلُوغِهَا وَخُلُوِّهَا مِنْ زَوْجٍ، وَأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا أَنَّ أَبَاهَا أَوْصَى بِهَا إلَى أَحَدٍ وَأَنْ لَا أَحَدَ مِنْ الْقُضَاةِ قَدَّمَ عَلَيْهَا مُقَدَّمًا وَتُثْبِتُ أَيْضًا أَنَّ الْأَوْلَى بِنَسَبٍ لَهَا، أَوْ أَنَّ لَهَا وَلِيًّا فَهُوَ أَحَقُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا وَيُثْبِتُ كَفَاءَةَ الزَّوْجِ وَأَنَّ الصَّدَاقَ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى مِثْلِهِ قَالَ فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَنَّهَا حُرَّةٌ وَيَسْمَعُ الشُّهُودُ مِنْهَا رِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَبِالصَّدَاقِ وَأَنَّهَا فَوَّضَتْ لِلْقَاضِي فِي إنْكَاحِهَا بِذَلِكَ وَسَمَاعُهُمْ مِنْهَا صَمْتًا لَا نُطْقًا.

الثَّانِي: الثَّيِّبُ الْبَلَدِيَّةُ.

وَإِذَا طَلَبَتْ الثَّيِّبُ الْبَلَدِيَّةُ الزَّوَاجَ كَلَّفَهَا أَنْ تُثْبِتَ أَصْلَ الزَّوْجِيَّةِ وَطَلَاقَ الزَّوْجِ لَهَا، أَوْ وَفَاتَهُ عَنْهَا وَأَنَّهَا لَمْ تُخْلَفْ زَوْجًا، أَوْ تَخَلَّلَ ذَلِكَ طُولٌ وَأَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْأَبُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ وَيَأْتِي إلَى الْحَاكِمِ لِيُزَوِّجَ ابْنَتَهُ فَقَدْ كَلَّفَهُ بَعْضُ قُضَاةِ الْعَصْرِ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ لَهُ ابْنَةً اهـ.

وَذَكَرَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَسْأَلَةً وَنَصُّهَا: وَإِذَا قَدِمَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تُكَلَّفَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَتْ: لَا زَوْجَ لِي فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ وَذَكَرَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ وَفِي الْأَحْكَامِ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَقَالَ الْبَاجِيّ فِي وَثَائِقِهِ: إذَا قَالَتْ كَانَ لِي زَوْجٌ فَفَارَقَنِي فِي الطَّرِيقِ وَلَا أَدْرِي أَحَيٌّ هُوَ، أَوْ مَيِّتٌ فَلَهَا أَنْ تَقِفَ إلَى الشُّهُودِ وَتُطَلِّقَ نَفْسَهَا لِعُسْرِ النَّفَقَةِ وَلَا تَرْجِعُ إلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ. مِنْ التَّقْيِيدِ عَلَى التَّهْذِيبِ لِأَبِي إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجِ اهـ. كَلَامُ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَفِي بَابِ الطَّلَاقِ عَلَى الْغَائِبِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ مَسَائِلُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) الْفُصُولُ الَّتِي يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ إذَا كَانَ الْقَاضِي هُوَ الْمُتَوَلِّيَ لِلْعَقْدِ فَتُثْبَتُ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَدَّمَ رَجُلًا لِلْمَنَاكِحِ فَإِنْ كَانَ فَوَّضَ إلَيْهِ إثْبَاتَ تِلْكَ الْفُصُولِ فَتُثْبَتُ عِنْدَهُ وَإِلَّا؛ لَمْ يَصِحَّ لَهُ تَزْوِيجُ الْمَرْأَةِ حَتَّى تَثْبُتَ تِلْكَ الْفُصُولُ عِنْدَ الْقَاضِي وَيُعْلِمُهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ.

(الثَّانِي) فَإِنْ زَوَّجَهَا الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ إثْبَاتِ مَا ذَكَرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ حَتَّى يُثْبِتَ مَا يُوجِبُ فَسْخَ النِّكَاحِ فِي الْمَوَانِعِ فَإِنَّ هَذِهِ مَوَانِعُ يُطْلَبُ انْتِفَاؤُهَا قَبْلَ إيقَاعِ الْعَقْدِ، وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ؛ لَمْ يُفْسَخْ حَتَّى يَثْبُتَ مَا يُوجِبُ رَفْعَهُ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص " وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيَّةٍ مَعَ خَاصٍّ لَمْ يُجْبَرْ كَشَرِيفَةٍ دَخَلَ وَطَالَ "

ش: إنَّمَا تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يُكْرَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيٍّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: يَعْنِي وَلِيٍّ خَاصٍّ، ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يُعْلِمَ وَلِيَّهَا فَيُجِيزَ، أَوْ يَفْسَخَ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: حَمَلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا وَهُوَ عِنْدِي مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: يُعَاقَبُ، وَكَيْفَ يُعَاقَبُ عَلَى الْمَكْرُوهِ؟ ، وَيَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: وَكُرِهَ لَهُ وَطْؤُهَا عَلَى الْمَنْعِ اهـ. وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا شَكَّ أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يَنْظُرَ هَلْ يُجِيزُهُ الْوَلِيُّ، أَوْ يَرُدُّهُ؟ قَالَهُ اللَّخْمِيّ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَلِيُّ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ وَفِيهَا قَبْلَ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ قِيلَ لِمَالِكٍ: مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيٍّ بِشُهُودٍ أَيُضْرَبُ أَحَدٌ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: أَدَخَلَ بِهَا؟ قَالُوا: لَا، وَأَنْكَرَ الشُّهُودُ أَنْ يَكُونُوا حَضَرُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015