ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا، وَذَكَرَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ أَنَّ: الْمَشْهُورَ عَدَمُ التَّأْبِيدِ وَمِثْلُ الْمَبْتُوتَةِ مَنْ يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً تَزْوِيجًا حَرَامًا لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ فَيَفْسَخُ نِكَاحَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَيَتَزَوَّجُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيُرِيدُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يُحَدُّ مَنْ يَتَزَوَّجُ امْرَأَتَهُ الْمَبْتُوتَةَ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ قَالَ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً، أَوْ امْرَأَةً طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَلْبَتَّةَ قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، أَوْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ، أَوْ النَّسَبِ، أَوْ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ الْوَلَدِ؛ إذْ لَا يَجْتَمِعُ الْحَدُّ وَثُبُوتُ النَّسَبِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ إلَّا بَعْدَ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ انْتَهَى.
ص (وَجَازَ تَعْرِيضٌ كَفِيكِ رَاغِبٌ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالتَّعْرِيضُ ضِدُّ التَّصْرِيحِ مَأْخُوذٌ مِنْ عَرْضِ الشَّيْءِ وَهُوَ جَانِبُهُ وَهُوَ أَنْ يُضَمِّنَ كَلَامَهُ مَا يَصْلُحُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمَقْصُودِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّ إشْعَارَهُ بِالْمَقْصُودِ أَتَمُّ وَيُسَمَّى تَلْوِيحًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِنَايَةِ أَنَّ التَّعْرِيضَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَالْكِنَايَةَ هِيَ التَّعْبِيرُ عَنْ الشَّيْءِ بِلَازِمِهِ كَقَوْلِنَا فِي كَرَمِ الشَّخْصِ: هُوَ طَوِيلُ النِّجَادِ كَثِيرُ الرَّمَادِ انْتَهَى.
، وَقَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ: وَالتَّعْرِيضُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ لِيَلُوحَ بِغَيْرِهِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ أَبَدًا انْتَهَى.
النِّجَادُ حَمَائِلُ السَّيْفِ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ وَهُوَ بِكَسْرِ النُّونِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْمَذْهَبُ جَوَازُ التَّعْرِيضِ فِي كُلِّ مُعْتَدَّةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ، أَوْ طَلَاقٍ وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيُّ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَمَنَعَ مِنْهُ فِي عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَعِدَّةِ الْمُخْتَلِعَةِ انْتَهَى، وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
(قُلْت) وَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَنَصُّهُ: لَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الرَّجْعِيَّةِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ الْبَيْنُونَةِ فَالصَّحِيحُ جَوَازُ التَّعْرِيضِ بِخِطْبَتِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيُّ عَنْ إسْمَاعِيلَ: إنَّمَا يُعَرِّضُ بِالْخِطْبَةِ لِيُفْهَمَ مُرَادُهُ لَا لِيُجَابَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ: يَجُوزُ التَّعْرِيضُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ مَعًا وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ: وَإِنَّمَا يُعَرِّضُ الْمُعَرِّضُ لِيُفْهَمَ مُرَادُهُ لَا لِيُجَابَ وَلَوْ جَاوَبَتْهُ بِتَعْرِيضٍ يَفْهَمْ مِنْهُ الْإِجَابَةَ؛ كُرِهَ ذَلِكَ وَدَخَلَ فِي بَابِ الْمُوَاعَدَةِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: اجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ مَعَ الْمُعْتَدَّةِ بِمَا هُوَ نَصٌّ فِي تَزْوِيجِهَا وَتَنْبِيهٌ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ اجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ مَعَهَا بِمَا هُوَ رَفَثٌ، أَوْ ذِكْرُ جِمَاعٍ، أَوْ تَحْرِيضٌ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ وَجَوَّزْنَا مَا عَدَا ذَلِكَ، وَجَائِزٌ أَنْ يَمْدَحَ نَفْسَهُ وَيَذْكُرَ مَآثِرَهُ، وَمِنْ أَعْظَمِ التَّعْرِيضِ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ كُونِي عِنْدَ أُمِّ شَرِيكٍ وَلَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ» انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ جَوَازِ التَّعْرِيضِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يُشِيرُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِقَوْلِهِ فِيهَا: الَّذِي يَجُوزُ هُوَ التَّعْرِيضُ بِالْعِدَةِ، أَوْ الْمُوَاعَدَةُ وَهُوَ الْقَوْلُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَصِفَتُهُ أَنْ يَقُولَ لَهَا وَتَقُولَ لَهُ، أَوْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ: إنْ يُقَدِّرْ اللَّهُ أَمْرًا يَكُنْ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَتَزَوَّجَكِ وَإِنِّي فِيكِ لَمُحِبٌّ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَفِيكِ رَاغِبٌ؛ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهَكَذَا قَوْلُهُ إنَّ النِّسَاءَ مِنْ شَأْنِي وَإِنَّكِ عَلَيَّ لَكَرِيمَةٌ وَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي، وَإِنْ يُقَدِّرْ اللَّهُ خَيْرًا يَكُنْ انْتَهَى.
ص (وَالْإِهْدَاءُ)
ش: قَالَ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَجَائِزٌ أَنْ يُهْدِيَ لَهَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: وَالْهَدِيَّةُ هُنَا بِخِلَافِ إجْرَاءِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهَا كَالْمُوَاعَدَةِ انْتَهَى.
قَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْهَدِيَّةِ التَّعْرِيضُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: فَإِنْ أَنْفَقَ، أَوْ أَهْدَى، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ.
(تَنْبِيهٌ) عَزَا ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِابْنِ حَبِيبٍ وَاللَّخْمِيِّ مَعَ أَنَّهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا