فَلْيُوَاصِلْ إلَى السَّحَرِ» وَقَوْلُ أَشْهَبَ: مَنْ وَاصَلَ أَسَاءَ؛ ظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَكَرِهَ مَالِكٌ الْوِصَالَ وَلَوْ إلَى السَّحَرِ اللَّخْمِيُّ هُوَ إلَيْهِ مُبَاحٌ وَلِحَدِيثِ «مَنْ أَرَادَ فَلْيُوَاصِلْ إلَى السَّحَرِ» اهـ.
(قُلْت) اُنْظُرْ عَزْوَ ابْنِ عَرَفَةَ جَوَازَهُ إلَى السَّحَرِ لِلَّخْمِيِّ مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضًا عَزَاهُ لِابْنِ وَهْبٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْأَبِيُّ وَذَكَرَ أَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَهُ، وَلَفْظُ الْإِكْمَالِ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَحَادِيثِ الْوِصَالِ فَقِيلَ: النَّهْيُ عَنْهُ رَحْمَةٌ وَتَخْفِيفٌ فَمَنْ قَدَرَ فَلَا حَرَجَ وَقَدْ وَاصَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ الْأَيَّامَ وَأَجَازَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ حَنْبَلٍ مِنْ سَحَرٍ إلَى سَحَرٍ، وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ كَرَاهَةَ الْوِصَالِ لِلْجَمِيعِ لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ وَلَمْ يُجِيزُوهُ لِأَحَدٍ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْوِصَالُ مِنْ خَصَائِصِ مَا أُبِيحَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَحْظُورٌ عَلَى أُمَّتِهِ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَصَفِيِّ الْمَغْنَمِ وَالْخُمُسِ)
ش: الْخُمُسُ مَعْطُوفٌ عَلَى صَفِيِّ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: قَالَ الْهَرَوِيُّ: إنْ أُعْطِيتُمْ الْخُمُسَ وَسَهْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّفِيَّ فَأَنْتُمْ آمِنُونَ الشَّعْبِيُّ: الصَّفِيُّ عُلِّقَ بِتَخْيِيرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَغْنَمِ وَمِنْهُ صَفِيَّةُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِنْ خَوَاصِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَفِيُّ الْمَغْنَمِ وَالِاسْتِبْدَادُ بِخُمُسِ الْخُمُسِ، أَوْ الْخُمُسِ وَمِثْلُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَكَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلَيْنِ فَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الثَّانِي وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ، وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ: إنَّمَا وَالِي الْجَيْشِ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ لَهُ مِثْلُ الَّذِي لَهُمْ وَعَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِمْ ابْنُ رُشْدٍ: لَا حَقَّ لِلْإِمَامِ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجُلِّ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّفِيُّ مَخْصُوصٌ بِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ إلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَرَآهُ لِكُلِّ إمَامٍ وَكَذَا لَا حَقَّ لِلْإِمَامِ فِي الْخُمُسِ إلَّا الِاجْتِهَادَ فِي قَسْمِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَلَا مِثْلُ هَذَا إلَّا الْخُمُسُ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ» وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْخُمُسَ مَقْسُومٌ عَلَى الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ بِالسَّوَاءِ وَأَنَّ سَهْمَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْخَلِيفَةِ بَعْدَهُ انْتَهَى.
قَالَ السُّهَيْلِيُّ فِي شَرْحِ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ: كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْمِرْبَاعُ أَيْ رُبْعُ الْغَنِيمَةِ وَالصَّفِيُّ أَيْ مَا يُصْطَفَى لِلرَّئِيسِ فَنُسِخَ الْمِرْبَاعُ بِالْخُمُسِ وَبَقِيَ الصَّفِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ أَمْرُ الصَّفِيِّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذَا غَزَا فِي الْجَيْشِ اخْتَارَ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ سَهْمًا وَضَرَبَ لَهُ بِسَهْمٍ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ قَعَدَ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَ الْجَيْشِ ضَرَبَ لَهُ بِسَهْمٍ وَلَمْ يَكُنْ صَفِيٌّ، وَذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد، وَأَمْرُ الصَّفِيِّ بَعْدَ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِإِمَامِ الْمُسْلِمِينَ فِي قَوْلِ أَبِي ثَوْرٍ وَخَالَفَهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَقَالُوا: كَانَ خَاصًّا بِالرَّسُولِ انْتَهَى
ص (وَيُزَوِّجُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ) ش قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ يَعْنِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُزَوِّجُ الْمَرْأَةَ مِنْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَلَا إذْنِ وَلِيِّهَا وَمِنْ نَفْسِهِ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ انْتَهَى، وَقَالَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ: أَيْ وَمِمَّا يُبَاحُ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ نَفْسِهِ مَنْ شَاءَ نِكَاحَهَا انْتَهَى وَقَوْلُهُ: وَيُزَوِّجُ مِنْ نَفْسِهِ هُوَ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ: بِلَا مَهْرٍ وَوَلِيٍّ وَشُهُودٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (بِلَا مَهْرٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ وَخُصَّ أَيْضًا عِنْدَ مَالِكٍ بِجَوَازِ جَعْلِ عِتْقِ الْأَمَةِ صَدَاقَهَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَيَحْمِي لَهُ)
ش: قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: هَذَا مِنْ زِيَادَاتِهِ عَلَى ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَابْنِ شَاسٍ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَمَى النَّقِيعَ بِالنُّونِ وَقَالَ: «لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ» فَلَعَلَّ الْقَائِلَ بِالِاخْتِصَاصِ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا فَسَّرَهُ بِهِ الْبَاجِيُّ؛ إذْ قَالَ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْفَرِدَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَنْفَعَةٍ تَخُصُّهُ وَإِنَّمَا الْحِمَى لِحَقِّ اللَّهِ وَلِرَسُولِهِ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ خَلِيفَتِهِ وَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالنَّظَرِ فِي دِينِ نَبِيِّهِ.
ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْمُوَطَّأِ عِنْدَ قَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْت عَلَيْهِمْ فِي بِلَادِهِمْ شِبْرًا
ص (وَلَا يُورَثُ)
ش: قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَإِنَّمَا