أَوْ خِنْزِيرٍ، أَوْ مَيْتَةٍ؛ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعْطَى ذِمِّيًّا فَلْيَرْجِعْ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ إنْ كَانَتْ مِمَّا يَمْلِكُونَهَا، قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ: وَمَعْنَاهُ إذَا فَدَاهُ بِهِ مِنْ عِنْده، وَأَمَّا إنْ ابْتَاعَهُ لِيَفْدِيَهُ بِهِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ عَنْ الْوَانُّوغِيِّ فِي بَابِ الْغَصْبِ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ مَنْ غَصَبَ جَارِيَةً، ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ أَنْ بَاعَهَا الْغَاصِبُ: إنَّ لِرَبِّهَا عَلَيْهِ إجَازَةَ الْبَيْعِ وَأَخْذَ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ وَلَا يَسْتَقِرُّ مِنْ هُنَا جَوَازُ فِدَاءِ الْأَسِيرِ بِنَصْرَانِيٍّ مَيِّتٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَظَرَ هُنَا إلَى يَوْمِ الْعَقْدِ، وَلَوْ نَظَرَ إلَى يَوْمِ الْإِجَازَةِ وَأَجَازَ؛ لَصَحَّ الْأَخْذُ، وَالْحُكْمُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ الْجَوَازُ.
(قُلْت) الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ عِيَاضٌ الْمَنْعُ قَالَ مَا نَصُّهُ فِي تَحْرِيمِ بَيْعِ الْمَيْتَةِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ جُثَّةِ الْكَافِرِ إذَا قَتَلْنَاهُ مِنْ الْكُفَّارِ وَافْتِدَائِهِمْ مَنَابَهُ وَقَدْ امْتَنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَلِكَ اُنْظُرْ تَمَامَهُ ابْنَ الْعَرَبِيِّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُ الْكُفَّارُ فِي جَسَدِ كَافِرٍ اسْتَوْلَى الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ عَشَرَةَ آلَافٍ وَقَالَ: لَا حَاجَةَ لَنَا بِجَسَدِهِ وَلَا بِثَمَنِهِ» انْتَهَى.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي تَحْرِيمِ بَيْعِ الْمَيْتَةِ: وَمِمَّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ جَسَدُ الْكَافِرِ وَقَدْ «أُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ فِي جَسَدِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْزُومِيِّ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَأْخُذْهَا وَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ وَقَالَ: لَا حَاجَةَ لَنَا بِجَسَدِهِ وَلَا بِثَمَنِهِ» انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (بَابٌ) (الْمُسَابَقَةُ بِجُعْلٍ فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَبَيْنَهُمَا وَالسَّهْمِ)
ش: وَلَا تَجُوزُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ بِغَالٍ، أَوْ حَمِيرٍ وَكَذَلِكَ الْفِيل وَالْبَقَرُ قَالَهُ الْجُزُولِيُّ فِي التَّقْيِيدِ الصَّغِيرِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَعَنْ الزَّنَاتِيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَلَا بَأْسَ بِالسَّبَقِ فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَبِالسِّهَامِ بِالرَّمْيِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَغَلَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِمَّا يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ طَرِيقٌ إلَى إظْهَارِ دِينِ اللَّهِ وَنُصْرَتِهِ جَازَ لِمَا فِيهِ مِنْ مَنْفَعَةِ الدِّينِ وَمَا يُؤَدِّي إلَى عِبَادَةٍ، أَوْ يُسْتَعَانُ بِهِ فِي عِبَادَةٍ فَهُوَ عِبَادَةٌ وَقَدْ أَثْنَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُتَّصِفِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِأَوْصَافِ الْكَمَالِ؛ إذْ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ إلَيْهِ فَقَالَ «مَنْ رَكِبَ وَعَامَ وَخَطَّ وَخَاطَ وَرَمَى بِالسِّهَامِ فَذَلِكَ نِعْمَ الْغُلَامُ» وَقَالَ «كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُوهُ الْمُؤْمِنُ فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا لَهْوُهُ بِفَرَسِهِ، أَوْ قَوْسِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ»