إذَا قَتَلْت قَتِيلًا فَلِي سَلَبُهُ، وَمَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقَتَلَ الْأَمِيرُ قَتِيلَيْنِ وَقَتَلَ غَيْرُهُ قَتِيلَيْنِ فَلِلْأَمِيرِ سَلَبُ قَتِيلِهِ الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي، وَلِغَيْرِهِ سَلَبَا قَتِيلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَمِيرَ إنَّمَا خَصَّ نَفْسَهُ بِقَتِيلٍ وَاحِدٍ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) مِنْهُ أَيْضًا وَالْقَتْلُ الْمُوجِبُ لِمَا رُتِّبَ عَلَيْهِ إنْ ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا، فَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لَمْ يَثْبُتْ دُونَهَا الْبَاجِيُّ، وَلَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْمُثْبَتَ الْقَتْلُ لَا الْمَالُ، وَلَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِيَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِبَيِّنَةٍ فَفِي لُزُومِهَا نَقْلُ الشَّيْخِ وَقَوْلُ الْبَاجِيِّ اُنْظُرْ بَقِيَّتَهُ فِيهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ» بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى أُصُولِ الْمَالِكِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ إلَى بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِمَامِ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ، فَإِنْ شَرَطَ فِيهَا الشَّهَادَةَ كَانَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ جَازَ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ، انْتَهَى.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالدَّلَالَةِ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَاللَّيْثِ وَمَنْ وَافَقَهُمَا مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ السَّلَبَ لَا يُعْطَى إلَّا لِمَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ يُعْطَاهُ بِلَا بَيِّنَةٍ، انْتَهَى.
ص (وَمَرِيضٌ شَهِدَ كَفَرَسٍ رَهِيصٍ أَوْ مَرِضَ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْغَنِيمَةِ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ) ش الصَّوَابُ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ بِأَوْ أَعْنِي فِي قَوْلِهِ أَوْ مَرِضَ. وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى خَمْسِ حَالَاتٍ.
الْحَالَةُ الْأُولَى: أَنْ يَخْرُجَ فِي الْجَيْشِ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى ابْتَدَأَ الْقِتَالَ فَمَرِضَ وَتَمَادَى بِهِ الْمَرَضُ إلَى أَنْ هُزِمَ الْعَدُوُّ، فَإِنَّ مَرَضَهُ لَا يَمْنَعُ سَهْمَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ: وَمَرِيضٌ شَهِدَ، فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى ضَالٍّ فِي قَوْلِهِ، بِخِلَافِ بَلَدِهِمْ وَالْمَعْنَى، بِخِلَافِ الضَّالِّ بِبَلَدِهِمْ، فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: مِثْلُ الْأُولَى إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ، وَهُوَ صَحِيحٌ حَتَّى قَاتَلَ أَكْثَرَ الْقِتَالِ ثُمَّ مَرِضَ، وَهَذَا لَهُ سَهْمُهُ بِاتِّفَاقٍ، وَهُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ أَوْ مَرِضَ بَعْدَ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى الْغَنِيمَةِ، وَهَذِهِ وَإِنْ كَانَ يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِالْأُولَى؛ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ حُكْمُهَا مِنْهَا بِالْأَحْرَوِيَّةِ فَذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ لِيُفَرِّعَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ، وَالظَّاهِرُ فِي هَذِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ مَرَضِهِ يُقَاتِلُ أَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَمْ يُقَاتِلْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُ طَرَأَ عَلَيْهِ الْمَانِعُ بَعْدَ أَنْ كَانَ خَالِيًا عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِسْهَامِ أَنْ يُقَاتِلَ.
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَلَدِ الْإِسْلَامِ مَرِيضًا وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْقِتَالُ.
الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَخْرُجَ صَحِيحًا، ثُمَّ يَمْرَضَ قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ فِي حَوْزِ أَهْلِ الْحَرْبِ.
الْحَالَةُ الْخَامِسَةُ: أَنْ يَخْرُجَ صَحِيحًا وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَمْرَضَ عِنْدَمَا دَخَلَ بِلَادَ الْحَرْبِ وَقَبْلَ الْمُلَاقَاةِ، وَفِي الثَّلَاثِ قَوْلَانِ بِالْإِسْهَامِ وَعَدَمِهِ، وَفِي الثَّالِثَةِ ثَالِثٌ اللَّخْمِيُّ يَفْصِلُ بَيْنَ مَنْ لَهُ رَأْيٌ وَتَدْبِيرٌ فَيُسْهِمُ لَهُ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، وَهُوَ مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ، وَإِلَّا