سَحْنُونٌ فِي قَوْمٍ أَسَرُوا فَقَسَّمُوا الرَّقِيقَ قَبْلَ أَنْ يُخَمِّسُوهَا أَيَشْتَرِي مِنْهُمْ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنْ إذَا أَدَّوْا الْخُمُسَ فِي مَوَاضِعِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالشِّرَاءُ مِنْهُمْ حَسَنٌ، انْتَهَى. وَنُقِلَ هَذَا الْفَرْعُ فِي الذَّخِيرَةِ فِي آخِرِ فَصْلِ الْغُلُولِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ إذَا افْتَرَقَ الْجَيْشُ قَبْلَ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُ خُمُسَهَا.
ثُمَّ يُحْصِي مَنْ حَضَرَ الْغَنِيمَةَ مِنْ الْغُزَاةِ عَلَى التَّحَرِّي وَالتَّخْمِينِ بِأَنْ يَجْمَعَ أَعْيَانَ أَصْحَابِهِ وَشُيُوخَ عَسْكَرِهِ وَيَقُولَ لَهُمْ: كَمْ تُقَدِّرُونَ الْجَيْشَ الَّذِي كَانَ فِي غَزَاةِ كَذَا، فَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى تَقْدِيرِهِ بِعَدَدٍ مَا قَسَّمَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي التَّقْدِيرِ أَخَذَ بِمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِنْ الْقَدْرِ وَتَرَكَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ.
وَنَزَلَتْ أَيَّامَ الْمَنْصُورِ فَاسْتَفْتَى ابْنَ زَرْبٍ، فَأَجَابَهُ بِأَنَّ أَمْرَهُ رَاجِعٌ إلَى اجْتِهَادِ الْأَمِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ مِنْ حَالِ الْجَيْشِ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّهُ يُوقِفُ أَنْصِبَاءَ الْغُيَّبِ بَعْدَ الْمَقَاسِمِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْتُهُ، وَفِي جَوَابِ ابْنِ زَرْبٍ إجْمَالٌ وَتَفْسِيرُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ، قَالَ الْبُرْزُلِيُّ قُلْت الْمَوْقُوفُ حُكْمُهُ حُكْمُ اللُّقَطَةِ، فَإِنْ مَضَتْ لَهُ سَنَةٌ وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ طَالِبٌ جَرَى عَلَى حُكْمِهَا، وَقَدْ نَصَّ مَالِكٌ عَلَى ذَلِكَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَقَالَ فِيمَنْ أَخَذَ كُبَّةً فَوَجَدَ فِيهَا بَعْدَ تَفَرُّقِ الْجَيْشِ حُلِيًّا زِنَتُهُ سَبْعُونَ مِثْقَالًا قَالَ: هُوَ كَاللُّقَطَةِ تَطِيبُ لَهُ إذَا جَهِلَ الْجَيْشَ بَعْدَ الْمُدَّةِ. وَنَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ مَنْ يَغْزُو مَعَ الْجَيْشِ أَوْ السَّرِيَّةِ فَيَغْنَمُونَ الْغَنِيمَةَ وَيَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَتَوَصَّلُونَ إلَى حُقُوقِهِمْ مِنْهَا فَهَلْ يَطِيبُ لَهُ أَنْ يُخْفِيَ مِقْدَارَ مَا يَحْصُلُ لَهُ لَوْ قُسِّمَتْ عَلَى وَجْهِهَا؟ فَوَقَعَتْ الْفُتْيَا أَنَّهُ يَتَحَرَّى عَدَدَ الْجَيْشِ وَيُخْرِجُ مِنْ الْغَنِيمَةِ الْخُمُسَ وَيُقَدِّرُ حَقَّهُ وَيَأْخُذُهُ وَكُلُّ مَا شَكَّ فِيهِ طَرَحَهُ، انْتَهَى. مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
. ص (وَنَفَّلَ مِنْهُ السَّلَبَ لِمَصْلَحَةٍ) ش لَيْسَ النَّفَلُ مَقْصُورًا عَلَى السَّلَبِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، السَّلَبُ: نَوْعٌ مِنْ النَّفَلِ، فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ الْقَاتِلَ أَوْ لَمْ يُعْطِهِ أَوْ أَعْطَاهُ بَعْضَهُ خَاصَّةً، انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: لِمَصْلَحَةٍ يَعْنِي أَنَّ السَّلَبَ إلَى نَظَرِ الْإِمَامِ.
وَكَذَلِكَ الْمِقْدَارُ الَّذِي يُعْطِيهِ لَكِنَّهُ لَا يَحْكُمُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَلَا بِالْهَوَى فَلَا يُعْطِي الْجَبَانَ وَيَحْرِمُ الشُّجَاعَ وَلَا يُعْطِي الشُّجَاعَ فَوْقَ مَا يَسْتَحِقُّهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: النَّفَلُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِهَا، وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ النَّفَلُ بِإِسْكَانِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا، وَهُوَ زِيَادَةُ السَّهْمِ أَوْ هِبَةٌ لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ السَّهْمِ يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ لِحَارِسٍ أَوْ لِطَلِيعَةٍ أَوْ لِنَحْوِ ذَلِكَ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ النَّفَلُ مَا يُعْطِيهِ الْإِمَامُ مِنْ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ مُسْتَحِقَّهَا لِمَصْلَحَةٍ، انْتَهَى.
. ص (وَلَمْ يَجُزْ إنْ لَمْ يَنْقَضِ الْقِتَالُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ السَّلَبُ)
ش: يَعْنِي وَلَمْ يَجُزْ قَوْلُ الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ