ش: يَعْنِي إذَا قَدِمَ الْكَافِرُ بِسِلَعٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَتَى بِهَا لِيَبِيعَهَا فَيُكْرَهُ لِغَيْرِ مَالِكِ تِلْكَ السِّلَعِ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُمْ، فَإِنْ بَاعَهَا وَاشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ، فَإِنَّهَا تَفُوتُ بِاشْتِرَائِهِ لَهَا، وَكَذَلِكَ إذَا قَدِمُوا بِهَا وَوَهَبُوهَا لِمُسْلِمٍ، فَإِنَّهَا تَفُوتُ بِالْهِبَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا يَبِيعُهُ أَهْلُ الْحَرْبِ بِبَلَدِهِمْ أَوْ يَهَبُونَهُ، فَإِنَّ لِرَبِّهِ أَنْ يَأْخُذَهُ فِي الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ، وَفِي الْهِبَةِ بِلَا شَيْءٍ كَمَا سَيَأْتِي وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ فِيهَا: وَإِذَا دَخَلْت دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَابْتَعْت مِنْ يَدِ حَرْبِيٍّ عَبْدًا لِمُسْلِمٍ أَسَرَهُ أَوْ أَبَقَ إلَيْهِ أَوْ وَهَبَهُ الْحَرْبِيُّ لَكَ فَكَافَأْتَهُ عَلَيْهِ فَلِسَيِّدِهِ أَخْذُهُ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْكَ مَا أَدَّيْت مِنْ ثَمَنٍ أَوْ عَرْضٍ، وَإِنْ لَمْ تُثِبْ وَاهِبَكَ أَخَذَهُ رَبُّهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ بِعْتَهُ أَنْتَ، ثُمَّ جَاءَ رَبُّهُ مَضَى الْبَيْعُ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْكَ وَيَدْفَعَ إلَيْكَ مَا أَدَّيْت مِنْ ثَمَنٍ أَوْ عَرْضٍ، وَإِنْ لَمْ تُؤَدِّ عَرْضًا فَلَا شَيْءَ لَكَ، قَالَ غَيْرُهُ: يُنْقَضُ بَيْعُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْمُبْتَاعِ وَيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا إنْ نَزَلَ بِنَا حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ وَمَعَهُ عَبِيدٌ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ قَدْ كَانَ أَحَرَزَهُمْ فَبَاعَهُمْ عِنْدَنَا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّهِمْ أَخْذُهُمْ بِالثَّمَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ أَنْ يَأْخُذَهُمْ مِنْ بَائِعِهِمْ فِي عَهْدِهِ، بِخِلَافِ بَيْعِ الْحَرْبِيِّ إيَّاهُمْ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ وَهَبَهُمْ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُسْلِمِ فَقَدِمَ بِهِمْ كَانَ لِرَبِّهِمْ أَخْذُهُمْ بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَهَذَا الَّذِي خَرَجَ بِهِمْ إلَيْنَا بِأَمَانٍ لَوْ وَهَبَهُمْ لِأَحَدٍ لَمْ يَأْخُذْهُمْ سَيِّدُهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ، انْتَهَى.
وَقَالَ قَبْلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا أَحْرَزَ أَهْلُ الشِّرْكِ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فَأَتَوْا بِهِ لِيَبِيعُوهُ لَمْ أُحِبَّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُمْ، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَاسْتَحَبَّ غَيْرُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا بِأَيْدِيهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَأْخُذَهُ رَبُّهُ بِالثَّمَنِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ أُحِبَّ عَلَى بَابِهِ أَيْ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَوَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنَّ فِيهِ تَسْلِيطًا لَهُمْ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَأَشْلَائِهِمْ، وَقِيلَ: لِأَنَّ فِيهِ تَقْوِيَةً لَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ