عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي التَّأْمِينُ لِغَيْرِ الْإِمَامِ ابْتِدَاءً، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ أَنَّ قَوْلَهُ كَذَلِكَ يَقْتَضِي جَوَازَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً إذْ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ لِلْإِمَامِ ابْتِدَاءً، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَفِيهَا، وَيَجُوزُ أَمَانُ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إنْ عَقَلَ الْأَمَانَ وَيُحْتَمَلُ يَجُوزُ إنْ وَقَعَ، وَلِذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ هَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ أَوْ مُخَالِفٌ، انْتَهَى. وَبِهَذَا فَسَّرَ الشَّارِحُ فِي الصَّغِيرِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَفَسَّرَهُمَا فِي الْكَبِيرِ وَالْوَسَطِ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ: وَقَوْلُهُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ كَذَلِكَ، أَيْ يَجُوزُ تَأْمِينُهُ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ رَدُّهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَوْ يَرُدَّهُ، وَإِلَى حَمْلِ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ عَلَى الْخِلَافِ ذَهَبَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَالْمُصَنِّفُ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ أَصْحَابُنَا يَحْمِلُونَ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِخِلَافٍ، انْتَهَى.
ص (وَسَقَطَ الْقَتْلُ، وَلَوْ بَعْدَ الْفَتْحِ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْأَمَانُ بَعْدَ الْفَتْحِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْقَتْلُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ فِي سُقُوطِ الْقَتْلِ خِلَافًا حَتَّى مِمَّنْ أَعْطَى الْأَمَانَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَفِي أَمْنِهِمْ بَعْدَ الْفَتْحِ قَوْلَانِ، وَلِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ عَامٌّ فِي حَقِّ مَنْ أَمَّنَهُ، وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ عَامٌّ فِي الْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَمَّنَهُ قَتْلَهُ اتِّفَاقًا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَتْلِ لَا فِي الِاسْتِرْقَاقِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَمْلُوكًا، وَالْقَوْلُ بِسُقُوطِ الْقَتْلِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْن الْمَوَّازِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَمَّنَهُ قَتْلُهُ، وَأَمَّا الْإِمَامُ، فَإِنْ شَاءَ قَتْلَهُ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْضَى أَمَانَهُ وَكَانَ قِنًّا، وَقَوْلُهُ: وَفِي أَمْنِهِمْ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْفَاعِلِ، أَيْ وَفِي أَمْنِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ، أَيْ وَفِي أَمْنِ الْكُفَّارِ وَالْمَعْنَى سَوَاءٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَقْدِيرَهُ: وَفِي إمْضَاءِ أَمْنِهِمْ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَغَيْرَهُ إنَّمَا تَكَلَّمُوا عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَكَذَلِكَ نَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ، وَلَفْظُهُ: وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الْفَتْحُ، فَإِنْ أَمَّنَهُ الْأَمِيرُ صَحَّ، وَإِنْ أَمَّنَهُ غَيْرُهُ فَهَلْ يَصِحُّ تَأْمِينُهُ فَيَكُونُ مَانِعًا مِنْ الْقَتْلِ قَوْلَانِ، انْتَهَى. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَقَطَ الْقَتْلُ أَنَّ الِاسْتِرْقَاقَ لَا يَسْقُطُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لَا كَمَا تَقَدَّمَ.
ص (إنْ لَمْ يَضُرَّ)
ش: يَصِحُّ أَنْ يَعُودَ إلَى قَوْلِهِ: وَإِلَّا فَهَلْ يَجُوزُ. وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ يَمْضِي كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَتَأَمَّلْهُ.
ص (أَوْ جَهِلَ إسْلَامَهُ)
ش: هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ أَوَّلًا، وَهُوَ أَنَّ أَمَانَ