عَلَيْهِمْ مَنْ يَحْفَظُهُمْ، إلَّا أَنْ يَجِدُوا فُرْصَةً مِنْ عَدُوٍّ وَخَافُوا فَوَاتَهُ لِبُعْدِ الْإِمَامِ، أَوْ خَوْفِ مَنْعِهِ، وَحَرُمَ عَلَى سَرِيَّةٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَيَمْنَعُهُمْ الْغَنِيمَةَ أَدَبًا لَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا جَمَاعَةً لَا يَخْشَوْنَ عَدُوًّا فَلَا يَمْنَعُهُمْ الْغَنِيمَةَ، انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوق فِي بَعْضِ وَصَايَاهُ لِإِخْوَانِهِ التَّوَجُّهُ لِلْجِهَادِ بِغَيْرِ إذْنِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَسُلْطَانِهِمْ فَإِنَّهُ سُلَّمُ الْفِتْنَةِ وَقَلَّمَا اشْتَغَلَ بِهِ أَحَدٌ فَأَنْجَحَ، انْتَهَى.
ص (كَوَالِدَيْنِ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ)
ش: وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: فَرْضِ كِفَايَةٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَرْضَ عَيْنٍ لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِهِمَا، وَلَوْ لَمْ يَكُونَا فِي كِفَايَةٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي كِتَابِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ: إذَا تَعَيَّنَ الْجِهَادُ وَكَانَ وَالِدُهُ فِي كِفَايَةٍ وَلَمْ يَمْنَعَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا بَدَأَ بِالْجِهَادِ، فَلَوْ لَمْ يَكُونَا فِي كِفَايَةٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهِمَا فَيَبْدَأُ بِهِ فَلَوْ كَانَا فِي كِفَايَةٍ وَمَنَعَاهُ لَمْ يُلْتَفَتْ لِمَنْعِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا عَاصِيَانِ بِذَلِكَ الْمَنْعِ، انْتَهَى. وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي رَسْمِ الْمُحَرَّمِ: يُتَّخَذُ حِرْفَةً مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْأَنْدَلُسِ أَرَادَ أَنْ يَلْحَقَ بِالْمِصِّيصَةِ وَالسَّوَاحِلِ وَلَهُ وَلَدٌ وَأَهْلٌ بِالْأَنْدَلُسِ أَتَرَى لَهُ فِي ذَلِكَ سَعَةً؟ قَالَ: نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ: أَيُخْشَى عَلَيْهِمْ الضَّيْعَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَكَأَنَّهُ لَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ حِينَ خَافَ الضَّيْعَةَ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ عَلَيْهِمْ، وَتَرْكَ إضَاعَتِهِمْ أَوْجَبُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْغَزْوِ وَالرِّبَاطِ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُضَيِّعَ فَرْضًا وَاجِبًا عَلَيْهِ بِمَا هُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، انْتَهَى.
وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ سُئِلَ عَمَّنْ يُرِيدُ الْجِهَادَ وَلَهُ عِيَالٌ وَوَلَدٌ. قَالَ: إنْ خَافَ عَلَيْهِمْ الضَّيْعَةَ فَلَا أَرَى لَهُ أَنْ يَخْرُجَ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ وَيَخْلُفُهُ فَأَرَى أَنْ يَخْرُجَ وَلَا يَدَعْ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ قِيَامُهُ عَلَى أَهْلِهِ وَتَرْكُ إضَاعَتِهِمْ وَاجِبٌ، بِخِلَافِ الْجِهَادِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا أُقِيمَ بِهِ سَقَطَ عَمَّنْ سِوَاهُ، وَكَانَ لَهُ نَافِلَةً، وَلَا يَصِحُّ تَرْكُ فَرْضٍ لِنَافِلَةٍ.
ص (لَا جَدٍّ)
ش: كَذَا ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ سَحْنُونٍ مَا نَصُّهُ وَبِرُّ الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَاجِبٌ، وَلَيْسَا كَالْأَبَوَيْنِ أُحِبُّ أَنْ يَسْتَرْضِيَهُمَا لِيَأْذَنَا لَهُ فَإِنْ أَبَيَا فَلَهُ إلَى أَنْ يَخْرُجَ، انْتَهَى. وَذَكَرَ فِي الْإِكْمَالِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ أَنَّ بِرَّ الْأَجْدَادِ كَالْآبَاءِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجِهَادُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا، انْتَهَى.
ص (ثُمَّ جِزْيَةٌ بِمَحَلٍّ يُؤْمَنُ)
ش: أَيْ إنَّمَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ إذَا كَانُوا بِمَحَلٍّ يُؤْمَنُ عَلَيْهِمْ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى الْكُفْرِ، وَكَذَا إذَا أَجَابُوا إلَى الْإِسْلَامِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ
ص (وَاقْتُلُوا إلَّا الْمَرْأَةَ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا إلَى