يُخَافُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الِاعْتِقَادُ الْفَاسِدُ فَيَكُونُ إقْدَامُهُ عَلَى ذَلِكَ مُحَرَّمًا، وَالْكَرَاهَةُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ ذَلِكَ، وَإِذَا وَقَعَ النَّذْرُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِهِ قَطْعًا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَمِمَّا يَلْحَقُ هَذَا فِي الْكَرَاهَةِ النَّذْرُ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّمِ وَالتَّحَرُّجِ فَالْأُولَى لِمَنْ يَسْتَثْقِلُ عَبْدَ الْقِلَّةِ مَنْفَعَتَهُ وَكَثْرَةَ مُؤْنَتِهِ فَيَنْذُرُ عِتْقَهُ تَخَلُّصًا مِنْهُ وَإِبْعَادًا لَهُ، وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَمَحُّضِ نِيَّةِ الْقُرْبَةِ.
وَالثَّانِي أَنْ يَقْصِدَ التَّضْيِيقَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْحَمْلَ عَلَيْهَا بِأَنْ يَنْذُرَ كَثِيرًا مِنْ الصَّوْمِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ الْتَزَمَ بِالنَّذْرِ مَا لَا يُطِيقُهُ لَكَانَ مُحَرَّمًا، وَأَمَّا النَّذْرُ الْخَارِجُ عَمَّا تَقَدَّمَ فَمَا كَانَ مِنْهُ غَيْرُ مُعَلَّقٍ عَلَى شَيْءٍ وَكَانَ طَاعَةً جَازَ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ وَلَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ كَمَنْ شُفِيَ مَرِيضُهُ فَنَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَوْ يَتَصَدَّقَ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَوُجُوبُ أَدَاءِ النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى أَمْرٍ بِحُضُورِهِ وَاضِحٌ وَبِحُضُورِ بَعْضِهِ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ عَدَمُهُ بِخِلَافِ الْيَمِينِ، وَسَمِعَ أَبُو زَيْدِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ نَذَرَ إنْ رَزَقَهُ اللَّهُ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَصَامَهَا بَعْدَ أَنْ رُزِقَ دِينَارَيْنِ ثُمَّ رُزِقَ الثَّالِثُ لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُهُ، وَلَوْ نَذَرَ إنْ قَضَى اللَّهُ عَنْهُ دَيْنَهُ مِائَةَ دِينَارٍ صَامَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَصَامَهَا بَعْدَ قَضَاءِ الْمِائَةِ إلَّا دِينَارًا وَنِصْفًا أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ، وَأَفْتَى بِهِ وَضَعَّفَهُ ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ عَدَمُ إجْزَائِهِ، وَوَجْهُ رَجَائِهِ اعْتِبَارُ كَوْنِ التَّعْلِيقِ عَلَى زَوَالِ ثِقَلِ الدَّيْنِ، وَيَقُومُ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ بِقَدْرِ مَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ، انْتَهَى.
. ص (وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ بِنَذْرِهَا)
ش: يَجُوزُ إثْبَاتُ التَّاءِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَحَذْفُهَا كَمَا فِي بَعْضِهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَدَنَةَ تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَلَيْسَ بِمُؤَنَّثٍ حَقِيقِيٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (ثُمَّ سَبْعُ شِيَاهٍ لَا غَيْرُ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَا أَعْرِفُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْغَنَمَ صَوْمًا إنْ أَحَبَّ صِيَامَ عَشَرَةِ الْأَيَّامِ، فَإِنْ أَيْسَرَ كَانَ عَلَيْهِ مَا نَذَرَ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي عَاجِزٍ عَنْ عِتْقِ مَا نَذَرَهُ: لَا يَجِبُ بِهِ صَوْمٌ إنْ أَحَبَّ صِيَامَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَيْسَرَ أَعْتَقَ الصَّقَلِّيُّ إنْ شَاءَ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَقِيلَ: شَهْرَيْنِ إنْ لَمْ يَجِدْ رَقَبَةً وَلَمْ أَرَهُ، انْتَهَى وَهُوَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ النُّذُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ.
ص (وَصِيَامٌ بِثَغْرٍ)
ش: هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي الِاعْتِكَافِ: وَإِتْيَانُ سَاحِلٍ لِنَذْرِ صَوْمٍ بِهِ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ رَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامٌ وَلَمْ يُسَمِّهِ أَوْ قَالَ: صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ يَصُومُ مَا شَاءَ وَيَتَصَدَّقُ بِالدِّرْهَمِ وَبِنِصْفِ الدِّرْهَمِ وَالرُّبْعِ دِرْهَمِ قِيلَ: فَالْفِلْسُ وَالْفِلْسَيْنِ قَالَ: مَا زَادَ فَهُوَ حَسَنٌ، انْتَهَى. وَالْمَسْأَلَةُ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهَا: وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لِلْحَالِفِ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ وَلَا عُرْفٌ وَلَا مَقْصِدٌ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: النَّاذِرُ الصَّوْمَ يَلْزَمُهُ يَوْمٌ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْقَوَانِينِ: إذَا نَذَرَ الصَّوْمَ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَدَدًا كَفَاهُ يَوْمٌ وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ إذَا نَذَرَ صَلَاةً وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا كَفَتْهُ رَكْعَتَانِ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الشَّامِلِ وَأَتَى بِعِبَادَةٍ كَامِلَةٍ إنْ نَذَرَ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ أَوْ صَلَاةَ رَكْعَةٍ أَوْ طَوَافَ شَوْطٍ، وَقِيلَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) فَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَيَّامًا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ قِيلَ: فَمَنْ نَذَرَ إطْعَامَ مَسَاكِينَ أَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ خَمْسَ تَمَرَاتٍ قَالَ مَا هَذَا وَجْهُ إطْعَامِهِمْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَلْيُطْعِمْ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا بِمُدٍّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] فَكَانَ مُدًّا لِكُلِّ مِسْكِينٍ، انْتَهَى. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَاخِرَ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهَا: وَلَيْسَ هَذَا بِمُوجَبٍ عِنْدَ مَالِكٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ اسْتِحْسَانٌ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى مُخْتَصَرًا بِالْمَعْنَى.
. ص (وَثُلُثُهُ حِينَ يَمِينِهِ)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ