الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ كَالْخِتَانِ وَمَنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَلْيُخَفِّضْهَا إنْ أَرَادَ حَبْسَهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِلْبَيْعِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْبَاجِيُّ قَالَ مَالِكٌ: النِّسَاءُ يُخَفِّضْنَ الْجَوَارِيَ قَالَ غَيْرُهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبَالَغَ فِي قَطْعِ الْمَرْأَةِ انْتَهَى.
[الْخِتَان]
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : قَالَ الْبِسَاطِيّ: هَلْ يُخْتَتَنُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فِي أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ أَوْ فِي كِلَيْهِمَا أَوْ لَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا انْتَهَى وَأَصْلُ هَذَا التَّنْظِيرِ لِلْفَاكِهَانِيِّ قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: هَلْ يُخْتَتَنُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ أَمْ لَا فَإِذَا قُلْنَا يُخْتَتَنُ، فَفِي أَيِّ الْفَرْجَيْنِ أَوْ فِيهِمَا جَمِيعًا لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ لِأَصْحَابِنَا نَقْلًا وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فَقِيلَ يَجِبُ اخْتِتَانُهُ فِي فَرْجِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَهُمْ (قُلْت) : الْحَقُّ أَنَّهُ لَا يُخْتَتَنُ لِمَا عَلِمْت مِنْ قَاعِدَةِ تَغْلِيبِ الْحَظْرِ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَمَسَائِلُهُ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُنْكَحُ، وَلَا يَنْكِحُ، وَفِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ، وَلَا يَحُجُّ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ لَا مَعَ جَمَاعَةٍ رِجَالٍ فَقَطْ، وَلَا مَعَ جَمَاعَةٍ نِسَاءٍ فَقَطْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِهِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ نَاجِي وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي آخِرِ الْكِتَابِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ
(الثَّانِي) : قَالَ فِي الْقَوَانِينَ: الْغُرْلَةُ وَهِيَ مَا يُقْطَعُ فِي الْخِتَانِ نَجِسَةٌ؛ لِأَنَّهَا قِطْعَةٌ مِنْ حَيٍّ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَهَا الْمُصَلِّي، وَلَا أَنْ تُدْخَلَ الْمَسْجِدَ، وَلَا أَنْ تُدْفَنَ فِيهِ، وَقَدْ يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ جَهْلًا انْتَهَى. وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي بَابِ الْوَلِيمَةِ حُكْمُ مَا يُنْثَرُ عَلَى رُءُوسِ الصِّبْيَانِ عِنْدَ خُرُوجِ أَسْنَانِهِمْ وَفِي الْخِتَانِ وَالْأَعْرَاسِ وَحُكْمُ الطَّعَامِ الَّذِي يُعْمَلُ لِأَجْلِ الْخِتَانِ وَغَيْرِهِ وَغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابٌ (الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ)
ش: قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: الْيَمِينُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْيَمِينِ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا حَلَفُوا وَضَعَ أَحَدُهُمْ يَمِينَهُ فِي يَمِينِ صَاحِبِهِ فَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا.
وَقِيلَ: الْيَمِينُ الْقُوَّةُ وَيُسَمَّى الْعُضْوُ يَمِينًا لِوُفُورِ قُوَّتِهِ عَلَى الْيَسَارِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} [الحاقة: 45] أَيْ بِالْقُوَّةِ، وَلَمَّا كَانَ الْحَلِفُ يُقَوِّي الْخَبَرَ مِنْ الْوُجُودِ أَوْ الْعَدَمِ سُمِّيَ يَمِينًا، فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَكُونُ الْتِزَامُ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى تَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ يَمِينًا، بِخِلَافِ التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْقَسَمُ بِتَحْرِيكِ السِّينِ بِمَعْنَى الْيَمِينِ، وَأَقْسَمْت أَيْ حَلَفْت، قَالَ بَعْضُهُمْ: أَصْلُهُ مِنْ الْقَسَامَةِ، وَهِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ، وَالْحَلِفُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا بِمَعْنَاهُ، انْتَهَى.
وَفِي الصِّحَاحِ وقَوْله تَعَالَى: {تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ} [الصافات: 28] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْ مِنْ قِبَلِ الدِّينِ فَتُزَيِّنُونَ لَنَا ضَلَالَتِنَا، كَأَنَّهُ أَرَادَ عَنْ الْمَأْتِيِّ السَّهْلِ الْأَصْمَعِيُّ فُلَانٌ عِنْدَنَا بِالْيَمِينِ أَيْ بِمَنْزِلَةٍ حَسَنَةٍ، وَيُقَالُ: قَدِمَ فُلَانٌ عَلَى أَيْمَنِ الْيَمِينِ أَيْ عَلَى الْيَمِينِ.
وَالْيَمِينُ الْقَسَمُ وَالْجَمْعُ أَيْمُنٌ وَأَيْمَانٌ، انْتَهَى. هَذَا مَعْنَى الْيَمِينِ لُغَةً، وَأَمَّا فِي الْعُرْفِ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفٍ بِرَسْمٍ وَلَا حَدٍّ لِاشْتِرَاكِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ فِي مَعْرِفَتِهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قِيلَ: وَمَعْنَاهُ ضَرُورِيٌّ لَا يُعَرَّفُ، وَالْحَقُّ نَظَرِيٌّ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، الْأَكْثَرُ التَّعْلِيقُ مِنْهُ لِتَرْجَمَتِهَا كِتَابَ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ وَإِطْلَاقَاتِهَا وَغَيْرِهَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً مَا لَزِمَ فِي الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ دُونَ نِيَّةٍ، إذْ لَا يَلْزَمُ مَجَازٌ دُونَهَا، وَرَدُّهُ بِلُزُومِهِ دُونَهَا إذَا كَانَ رَاجِحًا عَلَى الْحَقِيقَةِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ الْمَعْنَى مِنْ الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ بَشِيرٍ مَجَازٌ، وَكُلُّ مُخْتَلَفٍ فِيهِ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ، فَالْيَمِينُ قَسَمٌ أَوْ الْتِزَامٌ مَنْدُوبٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةُ، أَوْ مَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ لَا يَفْتَقِرُ لِقَبُولٍ مُعَلَّقٍ بِأَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ، فَيَخْرُجُ نَحْوُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ طَلَاقُ فُلَانَةَ، أَوْ عَتَقَ عَبْدِي فُلَانٌ ابْنُ رُشْدٍ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ غَيْرُ قُرْبَةٍ (قُلْت) عَزَاهُ الشَّيْخُ لِكِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْعُتْبِيِّ لِسَمَاعِ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنُ رُشْدٍ وَيُلْزَمُ الْعِتْقُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّهُ نَذْرٌ وَلَا وَفَاءَ بِهِ إلَّا بِنِيَّةٍ، وَمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَنْوِيٍّ لَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ.