تَحْرِيمِ الْقَدْرِ الْمُفْسِدِ وَالْأَفْيُونُ، وَهُوَ لَبَنُ الْخَشْخَاشِ يُغَيِّبُ الْحَوَاسَّ، وَلَا يَذْهَبُ بِالْعَقْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَنْقِيطَ وَالدَّرِيقَةَ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ، وَلَمْ أَقِفْ فِي ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ، فَانْظُرْهُ وَالْجَوْزَاءُ مِنْ الْمُخَدِّرَاتِ، وَأَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا الْفَاسِيِّينَ بِطَرْحِهَا فِي الْوَادِي، فَقَالَ غَيْرُهُ: لَوْ اُسْتُفْتِيتُ عَلَيْهِ لَغَرَّمْتُهُ إيَّاهَا فَانْظُرْ ذَلِكَ وَأَمَّا الطِّينُ فَكَرِهَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا يَفْعَلُهُ الْمِصْرِيُّونَ مَعَ الْحِمَّصِ مِنْ الطَّفْلِ، وَهَلْ مَا يَصْنَعُ بِهِ أَهْلُ الْمَغْرِبِ مِنْ الْمَغْرَةِ الْهَرِيسِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ هِيَ كَالْمِلْحِ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَصٍّ، وَلَا سَمِعْت فِيهِ شَيْئًا، فَانْظُرْ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي أَوَّلِ الشَّرْحِ: وَحَكَى خَلِيلٌ عَنْ شُيُوخِهِ خِلَافًا فِي الْحَشِيشَةِ هَلْ هِيَ مُسْكِرَةٌ أَمْ لَا؟ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ يَنُبْنِي عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الْقَلِيلِ وَتَنْجِيسُ الْعَيْنِ وَلُزُومُ الْحَدِّ وَقَالَ الْمَغْرِبِيُّ: إنَّمَا ذَلِكَ بَعْدَ قَلْيِهَا وَتَكْيِيفِهَا لَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا طَاهِرَةٌ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْمُخْتَصَرِ فِي فَصْلِ الطَّاهِرِ مَيِّتُ مَا لَا دَمَ لَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْمُسْكِرَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ فَرَاجِعْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَائِدَةٌ) : أَسْمَاءُ الْأَنْبِذَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ (الْأَوَّلُ) : الْفَضِيخُ: وَهُوَ بُسْرٌ يُرَضُّ، ثُمَّ يُلْقَى عَلَيْهِ الْمَاءُ وَيُقَالُ لَهُ الْفَضُوخُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَلِذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ بِالْفَضِيخِ وَلَكِنَّهُ الْفَضُوخُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَفْضَخُ الرَّأْسَ وَالْبَدَنَ.
(الثَّانِي) : الْبِتْعُ، وَهُوَ شَرَابُ الْعَسَلِ.
(الثَّالِثُ) : النَّزْرُ وَيُتَّخَذُ مِنْ الْبَزِّ وَالشَّعِيرِ عَادَةً.
(الرَّابِعُ) : الْغُبَيْرَاءُ وَفِي الْحَدِيثِ «إيَّاكُمْ وَالْغُبَيْرَاءَ، فَإِنَّهَا خَمْرُ الْعَالِمِ» ، وَهُوَ شَرَابُ الذُّرَةِ يَصْنَعُهُ الْحَبَشُ، وَهُوَ السُّكْرَكَةُ بِضَمِّ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْكَافِ، وَقَدْ تُضَمُّ وَالْكَافُ الثَّانِيَةُ مَفْتُوحَةٌ، وَهُوَ الِاسْمُ الْخَامِسُ.
(السَّادِسُ) : الْمُغَيَّرُ، وَهُوَ مَا يُغَيَّرُ بِالنَّارِ أَوْ بِمَا يُلْقَى فِيهِ حَتَّى يَسْكُنَ غَلَيَانُهُ، وَيَنْحَرِفُ عَنْ حَالِهِ إلَى مَا هُوَ أَضَرُّ بِالْبَدَنِ.
(السَّابِعُ) : الْجِعَةُ، وَهُوَ شَرَابُ الشَّعِيرِ.
(الثَّامِنُ وَالتَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ وَالْحَادِيَ عَشَرَ) : الْبَاذَقُ وَالطِّلَاءُ وَالنَّخْتَجُ وَالْجُمْهُورِيُّ هُوَ الْمَطْبُوخُ كُلُّهُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ (الثَّانِيَ عَشَرَ) : الْمُزَّاءُ هُوَ نَبِيذُ الْبُسْرِ وَقِيلَ هُوَ النَّبِيذُ فِي الْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ (الثَّالِثَ عَشَرَ) الْمُقْدَى بِفَتْحِ الدَّالِ شَرَابٌ يُنْسَبُ إلَى قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى دِمَشْقَ يُقَالُ لَهَا مَقْدِيَةُ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ، وَهُوَ عِنْدِي بِتَشْدِيدِهَا قَالَ ابْنُ السَّيِّدِ الْبَطَلْيُوسِيُّ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْكِتَابِ يَجُوزُ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ وَتَخْفِيفِهَا فَمَنْ شَدَّدَ الدَّالَ جَعَلَهُ مَنْسُوبًا إلَى مَقَدَّ وَهِيَ قَرْيَةٌ بِالشَّامِ وَمَنْ خَفَّفَ الدَّالَ نَسَبَهُ إلَى مَقْدِيَةَ مُخَفَّفَةِ الدَّالِ وَهِيَ حِصْنٌ بِدِمَشْقَ مَعْرُوفٌ انْتَهَى.
وَضَبَطَهُ فِي الصِّحَاحِ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ، وَنَسَبَهُ إلَى قَرْيَةٍ بِالشَّامِ، وَوَهَّمَهُ فِي ذَلِكَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ (الرَّابِعَ عَشَرَ) : الْعَصْفُ، وَهُوَ أَنْ يُشْدَخَ الْعِنَبُ، ثُمَّ يُعْمَل فِي وِعَاءٍ حَتَّى يَغْلِيَ، وَقَدْ يُتَّخَذُ مِنْ الدِّبْسِ، وَهُوَ عَسَلُ التَّمْرِ وَكُلُّ مَطْعُومٍ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُتَّخَذَ مِنْهُ نَبِيذٌ، وَقَدْ أَرَاحَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ فَقَالَ «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» .
ص (وَلِلضَّرُورَةِ مَا يَسُدُّ)
ش: قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: لَعَلَّهُ مَا يُشْبِعُ فَتَصَحَّفَ بِ يَسُدُّ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الْقَوَانِينَ لِابْنِ جَزِّي: وَيَتَرَخَّصُ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَكْلُ، وَلَوْ كَانَ عَاصِيًا، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا إذَا خَافَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْسِهَا الْمَوْتَ مِنْ الْجُوعِ أَوْ الْعَطَشِ، فَلَمْ تَسْتَطِعْ ذَلِكَ إلَّا مِمَّنْ أَرَادَ وَطْأَهَا فَلَهَا أَنْ تُمَكِّنَ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إكْرَاهٌ وَلَيْسَتْ كَالرَّجُلِ يُكْرَهُ عَلَى الزِّنَا قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونٍ فِي كِتَابِ ابْنِهِ وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ كَالْمَرْأَةِ لَا تَجِدُ مَنْ يَسُدُّ رَمَقَهَا إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا، وَتَكَلَّمَ عَلَيْهَا ابْنُ غَازِيٍّ هُنَاكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَقُدِّمَ الْمَيِّتُ عَلَى خِنْزِيرٍ)
ش: (فَرْعٌ) : قَالَ فِي الْقَوَانِينَ: إذَا أُكِلَ