فَانْحَرَفَ فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ إثْرَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُتَقَدِّمِ: وَعَدَمُ الْأَكْلِ فِيهِمَا إذْ لَا يَصِلُ إلَى مَحِلِّ الذَّبْحِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَنْخَعَهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ ذَبَحَ مِنْ الْقَفَا فِي ظَلَامٍ، وَظَنَّ أَنَّهُ أَصَابَ وَجْهَ الذَّبْحِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُ ذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي النَّوَادِرِ مُحَمَّدٌ، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَ فِي الْحُلْقُومِ، فَأَخْطَأَ فَانْحَرَفَ، فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ بِلَا رَفْعٍ قَبْلَ التَّمَامِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إنْ رَفَعَ قَبْلَ التَّمَامِ لَا تُؤْكَلُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا تَعِيشُ الذَّبِيحَةُ لَوْ تُرِكَتْ أَوْ لَا تَعِيشُ عَمْدًا أَوْ تَفْرِيطًا أَوْ غَلَبَةً أَمَّا إنْ طَالَ، وَكَانَتْ لَوْ تُرِكَتْ لَمْ تَعِشْ، وَكَانَ بِتَعَمُّدٍ أَوْ تَفْرِيطٍ، فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَطُلْ، وَكَانَتْ لَوْ تُرِكَتْ لَمْ تَعِشْ فَفِيهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا بِغَلَبَةٍ أَوْ تَفْرِيطٍ أَوْ تَعَمُّدٍ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَوْ تُرِكَتْ لَعَاشَتْ، فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ وَلَوْ طَالَ، وَهَذِهِ ذَكَاةٌ جَدِيدَةٌ هَكَذَا قَيَّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّوْضِيحِ، وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَصَّارِ وَلَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ التَّقْيِيدَ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَالْقَابِسِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَعِيشُ لَوْ تُرِكَتْ، فَلَا حَرَجَ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَجْرِي عَلَى هَذَا مَسْأَلَةٌ، وَهُوَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَهْلِ الْبَرِّ مِنْ أَنَّهُمْ يَشُقُّونَ جِلْدَ الشَّاةِ قَبْلَ ذَبْحِهَا مِنْ تَحْتِ جَنْبِهَا طُولًا وَيُدْخِلُونَ السِّكِّينَ تَحْتَ الْجِلْدِ وَيَذْبَحُونَهَا لِيَشُقُّوا جِلْدَهَا كُلَّهُ مَعَ جِلْدِ رَأْسِهَا طُولًا هَكَذَا سَمِعْتُ مِنْ بَعْضِهِمْ، وَذَكَرُوا أَنَّهَا لَوْ تُرِكَتْ بَعْدَ الشَّقِّ لَعَاشَتْ، وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ الْمَوْجُودِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعِيشُ، وَعَادَ بَعْدَ الْبُعْدِ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْأَكْلِ، وَإِنْ عَادَ بِالْقُرْبِ، فَفِيهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ
(وَهَا هُنَا فُرُوعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ التُّونُسِيُّ: اُنْظُرْ لَوْ غَلَبَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ الذَّكَاةِ، فَقَامَتْ، ثُمَّ أَضْجَعَهَا وَأَتَمَّ الذَّكَاةَ، وَكَانَ أَمْرًا قَرِيبًا هَلْ تُؤْكَلُ عَلَى مَا مَرَّ (قُلْت) : قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعَطَّارُ: تُؤْكَلُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِقُرْبٍ، وَنَزَلَتْ أَيَّامَ قَضَاءِ ابْنِ قَدَّاحٍ فِي ثَوْرٍ، وَحَكَمَ بِأَكْلِهِ، وَبَيَانُ بَائِعِهِ ذَلِكَ، وَكَانَتْ مَسَافَةُ هُرُوبِهِ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ بَاعٍ.
الصَّقَلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ لَوْ قَطَعَ الْحُلْقُومَ، وَعَسُرَ مَرُّ السِّكِّينِ عَلَى الْوَدَجَيْنِ لِعَدَمِ حَدِّهَا، فَقَلَبَهَا، وَقَطَعَ بِهَا الْأَوْدَاجَ مِنْ دَاخِلٍ لَمْ تُؤْكَلْ (قُلْت) : اُنْظُرْ لَوْ كَانَتْ حَادَّةً، وَالْأَحْوَطُ لَا تُؤْكَلُ انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَعَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٌ أَنَّهُ قَالَ: إنْ سَقَطَتْ السِّكِّينُ مِنْ يَدِ الذَّابِحِ أَوْ رَفَعَهَا قَهْرًا أَوْ خَائِفًا، ثُمَّ أَعَادَ، فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ، وَقَالَ: وَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ الْأَكْلِ إذَا عَادَ بَعْدَ الْبُعْدِ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ بِتَفْرِيطٍ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَنْ غَلَبَةٍ وَكَثِيرًا مَا يَجْرِي فِي الْبَقَرِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ الْكَلَامُ فِيهَا عَلَى عَجْزِ مَاءِ الْمُتَطَهِّرِ انْتَهَى.
ص (وَشُهِرَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ) ش حَمَلَ الشَّارِحَانِ كَلَامَهُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى الِاكْتِفَاءُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ مَعَ تَمَامِ الْوَدَجَيْنِ، وَجَعَلَا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ، وَقَدَّرَا لَهُ الْوَدَجَيْنِ بِقَرِينَةِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتْرُكَ الْوَدَجَيْنِ وَنِصْفَ الْحُلْقُومِ، وَتُؤْكَلُ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَقْطَعَ الْحُلْقُومَ كُلَّهُ وَنِصْفَ الْوَدَجَيْنِ، وَجَعَلَا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَالْوَدَجَيْنِ، وَجَعَلَهُ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ وَالْوَسَطِ مُحْتَمِلًا لِمَعْنَيَيْنِ أَيْضًا أَحَدُهُمَا أَنْ يَقْطَعَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَدَجَيْنِ النِّصْفَ فَقَطْ، وَالثَّانِي أَنْ يَقْطَعَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَيَتْرُكَ الْآخَرَ وَحَكَى فِي الْأَوَّلِ قَوْلَيْنِ: عَدَمَ الْإِجْزَاءِ وَعَزَاهُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ وَالثَّانِي: لِتَبْصِرَةِ ابْنِ مُحْرِزٍ إنْ بَقِيَ الْيَسِيرُ لَمْ يَحْرُمْ، وَحَكَى فِي الثَّانِي رِوَايَتَيْنِ بِالْأَكْلِ وَعَدَمِهِ قَالَ: وَرِوَايَةُ عَدَمِ الْأَكْلِ قِيلَ هِيَ الْأَقْرَبُ لِعَدَمِ إنْهَارِ الدَّمِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ بَهْرَامُ مِنْ احْتِمَالِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْوَدَجَيْنِ لِلْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ أَيْضًا، وَقَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ: وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ لَمْ نَرَ مَنْ شَهَرَ