قَالَ فِي الطِّرَازِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ: الْبُعْدُ مَا لَا يَتَحَرَّكُ الصَّيْدُ فِيهِ بِحَرَكَةٍ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا لَا يَظُنُّ أَنَّ الْكَلْبَ يُلْجِئُ الصَّيْدَ إلَيْهِ، وَأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُدْرِكَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، أَوْ يَرْجِعَ عَنْهُ.
ص (وَطَرْدُهُ مِنْ حَرَمٍ)
ش: لَا إشْكَالَ فِي حُرْمَةِ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ، ثُمَّ عَادَ الصَّيْدُ إلَى الْحَرَمِ، فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ صَادَهُ صَائِدٌ فِي الْحِلِّ، فَعَلَى مَنْ نَفَّرَهُ جَزَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِي إتْلَافِهِ وَهُوَ كَمُحْرِمٍ صَادَ صَيْدًا فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَسْبَعَةٍ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي أَرْضٍ مَسْبَعَةٍ فَأَخَذَتْهُ السِّبَاعُ قَالَ فِي الطِّرَازِ: وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ تَلَفَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ مُمْتَنِعٍ لِيَتَحَقَّقَ مَنَعَتَهُ فِيهِ، فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مُتَيَقِّنًا، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) : وَأَمَّا طَرْدُ الصَّيْدِ عَنْ طَعَامِهِ، أَوْ رَحْلِهِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ هَلَكَ بِسَبَبِ طَرْدِهِ، فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَطْرُدَ طَيْرَ مَكَّةَ عَنْ طَعَامِهِ وَرَحْلِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَحَكَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَفِي الْبَيَانِ فِي رَسْمِ يَشْتَرِي الدُّورَ وَالْمَزَارِعَ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ الْحَجِّ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ ذَكَرَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى جِهَةِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى أَنَّ تَعْرِيضَ الصَّيْدِ يُوجِبُ الْجَزَاءَ أَنَّهُ دَخَلَ دَارَ النَّدْوَةِ بِمَكَّةَ فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى شَيْءٍ وَاقِفٍ يُجْعَلُ عَلَيْهِ الثِّيَابُ قَالَ: فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ حَمَامَةٌ فَخِفْت أَنْ تُؤْذِيَ ثِيَابِي فَأَطَرْتُهَا فَوَقَعَتْ عَلَى هَذَا الْوَاقِفِ الْآخَرِ، فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ فَأَكَلَتْهَا فَخَشِيتُ أَنَّ إطَارَتِي إيَّاهَا سَبَبًا لِحَتْفِهَا فَقَالَ لِعُثْمَانَ وَنَافِعِ بْنِ الْحَارِثِ اُحْكُمَا عَلَيَّ فَقَالَ: أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا تَقُولُ فِي عَنْزٍ ثَنِيَّةٍ عَفَرٍ أَتَحْكُمُ بِهَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: نَعَمْ فَحَكَمَا عَلَيْهِ انْتَهَى
ص (وَرَمْيٌ مِنْهُ)
ش: أَيْ مِنْ الْحَرَمِ قَالَ فِي الطِّرَازِ: وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَأَى صَيْدًا فِي الْحِلِّ، وَهُوَ فِي الْحَرَمِ فَعَدَا إلَيْهِ مِنْ الْحَرَمِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِرْسَالَ يَكُونُ بَدَلَ الذَّكَاةِ وَعِنْدَهُ يُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ أَكَلَهُ، فَكَانَ بَدْءُ الِاصْطِيَادِ مُسْتَنِدًا إلَى خُرُوجِ السَّهْمِ وَالْكَلْبِ، وَقَدْ ابْتَدَأَهُ فِي الْحَرَمِ، وَأَمَّا الَّذِي عَدَا خَلْفَ الصَّيْدِ، فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الِاصْطِيَادَ مِنْ حِينِ يَأْخُذُهُ، وَيَضْرِبُهُ وَعِنْدَ ذَلِكَ يُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ، وَذَلِكَ إنَّمَا وَقَعَ فِي الْحِلِّ، فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا نَظِيرُهُ أَنْ يَرَى الصَّيْدَ فِي الْحِلِّ، فَيَقْصِدَ إلَيْهِ بِكَلْبِهِ وَلَا يُرْسِلَهُ بِيَدِهِ حَتَّى يُفَارِقَ الْحَرَمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ)
ش: يُرِيدُ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ قَيَّدَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَالَ فِي التَّلْقِينِ: وَيَلْزَمُ الْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ وَبِتَعْرِيضِهِ لِلْقَتْلِ إنْ لَمْ تَتَيَقَّنْ سَلَامَتُهُ مِمَّا عَرَضَ لَهُ انْتَهَى. فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ سَلَامَتَهُ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبِإِرْسَالٍ لِلسَّبُعِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى سَبُعٍ فَأَصَابَ صَيْدًا، أَوْ أَرْسَلَ الْحَلَالُ كَلْبَهُ فِي الْحَرَمِ عَلَى سَبُعٍ فَأَصَابَ صَيْدًا فَإِنَّ الْمَشْهُورَ وُجُوبُ الْجَزَاءِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ، أَوْ الْمُحْرِمُ فِي الْحِلِّ أَمَّا الْأُولَى، فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا: وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى ذِئْبٍ فِي الْحَرَمِ فَأَخَذَ صَيْدًا، فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَنَصَّ عَلَيْهَا فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يَتَّفِقُ عَلَى عَدَمِ الْجَزَاءِ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَهَا فِي مَعْرِضِ الِاحْتِجَاجِ بِهَا عَلَى سُقُوطِهِ فِي الْأُولَى، وَنَصُّهُ: وَلَوْ لَزِمَ مَنْ أَرْسَلَ عَلَى ذِئْبٍ فِي الْحَرَمِ الْجَزَاءُ لَلَزِمَ إذَا أَرْسَلَ الْمُحْرِمُ عَلَى ذِئْبٍ فِي