عَلَى الْبَلَاغِ إذَا فَرَغْت مِنْهُ النَّفَقَةُ فِي الْمُؤَنِ وَالْأَكْرِيَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى الْمُضِيِّ إلَى مَكَّةَ وَإِكْمَالِ حَجَّتِهِ وَلَا يَرْجِعُ وَسَوَاءٌ كَانَ فَرَاغُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَبِلَهُ قَالَ فِيهِ: وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاقٍ وَأَحْكَامَهُ بَاقِيَةٌ وَقَوْلُهُ فِي الشَّامِلِ: وَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ فَرَاغِ الْمَالِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ بَلْ لِقَوْلِهِ هُوَ فِي تَعْرِيفِ الْبَلَاغِ وَنَوْعٌ يُدْفَعُ لَهُ مَا يُنْفِقُ مِنْهُ ذَهَابًا وَإِيَابًا بِالْعُرْفِ وَيَغْرَمُ السَّرَفَ وَيَرُدُّ مَا فَضَلَ وَيَرْجِعُ بِمَا زَادَ انْتَهَى.
ص (أَوْ أَحْرَمَ وَمَرِضَ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْأَجِيرَ عَلَى الْبَلَاغِ إذَا أَحْرَمَ ثُمَّ مَرِضَ فَإِنَّهُ يَسْتَمِرُّ عَلَى عَمَلِهِ وَلَهُ نَفَقَتُهُ مَا أَقَامَ مَرِيضًا قَالَ سَنَدٌ لَهُ نَفَقَتُهُ الَّتِي كَانَتْ تَجِبُ لَهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْعَقْدِ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْغَالِبِ وَالْمُتَعَاهَدِ كَمَا فِي نَفَقَةِ الْأَجِيرِ وَنَفَقَةِ الدَّابَّةِ انْتَهَى. وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ قَدْرُ مَا كَانَ يَصْرِفُهُ فِي الصِّحَّةِ فِي أَكْلِهِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ لِدَوَاءٍ وَنَحْوِهِ كَانَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِيمَا إذَا مَرِضَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا مَرِضَ الْأَجِيرُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَكَانَ عَلَى الْإِنْفَاقِ فَلَهُ نَفَقَتُهُ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا بِقَدْرِ نَفَقَةِ الصَّحِيحِ وَمَا زَادَ فَفِي مَالِهِ انْتَهَى. وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّهُ إذَا مَرِضَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَهُ النَّفَقَةُ فِي إقَامَتِهِ مَرِيضًا وَرُجُوعِهِ فَإِنْ تَمَادَى إلَى مَكَّةَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي تَمَادِيهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ.
ص (وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ)
ش:.
يَعْنِي وَإِنْ ضَاعَتْ النَّفَقَةُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَرْجِعَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي ضَاعَتْ فِيهِ النَّفَقَةُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ شَرْطٌ قَالَ سَنَدٌ: وَإِذَا تَلِفَ الْمَالُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ شَرْطٌ عَمِلَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ شَرْطٌ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ: يَرْجِعُ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْمَالَ لَمَّا تَعَيَّنَ صَارَ كَأَنَّهُ مَحِلُّ الْعَقْدِ انْتَهَى. وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إلَّا أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَهُ فِي الثُّلُثِ فَيَرْجِعُ فِي بَاقِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ أَوَّلًا جَمِيعَ الثُّلُثِ وَعَلَيْهِ رَاضُونَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ تَمَادَى عَلَى الذَّهَابِ بَعْدَ ضَيَاعِ النَّفَقَةِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي ذَهَبَتْ فِيهِ النَّفَقَةُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَاخْتُلِفَ فِيمَا يُنْفِقُهُ فِي رُجُوعِهِ مِنْ مَوْضِعِ ذَهَابِهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنَّهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبِهَا أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّهَا عَلَى الْأَجِيرِ وَبِهَا أَخَذَ ابْنُ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ.
(فَرْعٌ) وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ فِي ضَيَاعِ النَّفَقَةِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فِي الضَّيَاعِ وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِقَوْلِهِ وَسَوَاءٌ أَظْهَرَ ذَلِكَ فِي مَكَانِهِ أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ وَلَوْ قِسْمٌ)
ش: قَالَ فِي الطِّرَازِ: فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لِلْمَيِّتِ ثُلُثٌ فَذَلِكَ عَلَى الْعَاقِدِ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ: فَإِنْ قَالُوا: لَهُ فِي الْعَقْدِ هَذَا جَمِيعُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ لَا شَيْءَ لَكَ غَيْرَهُ فِيمَا زَادَتْ نَفَقَتُك وَلَا تَرُدُّ شَيْئًا إنْ فَضَلَ فَهَذِهِ أُجْرَةٌ مَعْلُومَةٌ