قَالَهُ فِي شِفَاءِ الْغَرَامِ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ وَشَرِبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ» أَخْرَجَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْجُنْدِيُّ ذَكَرَهُ فِي الْقُرْبَى وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ خَمْسِينَ مَرَّةً خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَإِنَّمَا يُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْمُرَادُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - خَمْسُونَ أُسْبُوعًا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: «مَنْ حَجَّ الْبَيْتَ وَطَافَ خَمْسِينَ أُسْبُوعًا كَانَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» وَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِثْلُهُ لَا يَكُونُ إلَّا مَوْقُوفًا وَجَاءَ الْحَدِيثُ أَيْضًا خَمْسِينَ أُسْبُوعًا مَكَانَ مَرَّةٍ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ وَمُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَفِيهَا رَدٌّ لِمَنْ قَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْمَرَّةِ الشَّوْطُ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مُتَوَالِيَةً بَلْ الْمُرَادُ أَنْ تُوجَدَ فِي صَحِيفَةِ حَسَنَاتِهِ وَلَوْ فِي عُمْرِهِ كُلِّهِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَنْزِلُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ رَحْمَةٍ سِتُّونَ مِنْهَا لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْعَاكِفِينَ حَوْلَ الْبَيْتِ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ لِلْبَيْتِ وَفِي رِوَايَةٍ يُنْزِلُ اللَّهُ عَلَى هَذَا الْمَسْجِدِ مَسْجِدِ مَكَّةَ كُلَّ يَوْمٍ وَقَالَ فِيهِ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ» وَلَا مُضَادَّةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ بِمَسْجِدِ مَكَّةَ الْبَيْتَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] وَيَحْتَمِلُ قِسْمَةُ الرَّحَمَاتِ بَيْنَهُمْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الرُّءُوسِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى قِلَّةِ عَمَلٍ وَلَا إلَى كَثْرَتِهِ وَيَكُونُ لِمَنْ كَثُرَ عَمَلُهُ ثَوَابًا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْقَسْمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ الْأَعْمَالِ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ طَائِفٍ سِتُّونَ أَوْ السِّتُّونَ لِجَمِيعِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَهُ فِي الْقُرْبَى وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَمَاعَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ شِفَاءِ الْغَرَامِ أَنَّ صَاحِبَ الْقُرْبَى ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ ذَكَرَ أَنَّ تَعَدُّدَ الطَّوَافِ سَبْعُ مَرَاتِبَ: الْأُولَى خَمْسُونَ أُسْبُوعًا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، الثَّانِيَةُ أَحَدَ وَعِشْرُونَ فَقَدْ قِيلَ سَبْعُ أَسَابِيعَ بِعُمْرَةٍ وَوَرَدَ ثَلَاثُ عُمَرَ بِحَجَّةٍ، الثَّالِثَةُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَقَدْ وَرَدَ عُمْرَتَانِ بِحَجَّةٍ وَهَذَا فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ فِيهِ كَحَجَّةٍ، الرَّابِعَةُ اثْنَا عَشَرَ أُسْبُوعًا خَمْسَةٌ بِالنَّهَارِ وَسَبْعَةٌ بِاللَّيْلِ وَرُوِيَ أَنَّهُ طَوَافُ آدَمَ وَفَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، الْخَامِسَةُ سَبْعُ أَسَابِيعَ، السَّادِسَةُ ثَلَاثَةُ أَسَابِيعَ، السَّابِعَةُ أُسْبُوعٌ وَاحِدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَمَّا الطَّوَافُ وَالْعُمْرَةُ فَنَصَّ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَلَى أَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالطَّوَافِ أَفْضَلُ مِنْ اشْتِغَالِهِ بِالْعُمْرَةِ وَبِهِ قَيَّدَ قَوْلَ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا بِأَنْ لَا يَشْغَلَهُ ذَلِكَ عَنْ الطَّوَافِ وَلَا يُضْعِفَهُ بِحَيْثُ يَقْطَعُهُ عَنْ الْإِكْثَارِ مِنْهُ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ شَغْلَ قَدْرِ وَقْتِ الْعُمْرَةِ بِالطَّوَافِ أَفْضَلُ مِنْ شَغْلِهِ بِهَا انْتَهَى. وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

وَيُسْتَحَبُّ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَالْمُقِيمِينَ فِيهَا أَنْ يَتْرُكُوا الطَّوَافَ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ تَوْسِعَةً عَلَى الْحُجَّاجِ وَقَدْ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ صِفَةَ مَا يَفْعَلُ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَأَنَّهُ يَطُوفُ طَوَافَ الْقُدُومِ ثُمَّ يَسْعَى مَا نَصُّهُ: فَإِنْ كَانَ آفَاقِيًّا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُكْثِرَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ لَيْلًا وَنَهَارًا لَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ إلَّا وَقْتَانِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَطُوفَ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ إلَّا لِحَاجَةٍ تَدْعُوهُ لِلطَّوَافِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَنَّ مِنْ سُنَّةِ الطَّوَافِ أَنْ يَأْتِيَ عَقِبَهُ بِرَكْعَتَيْنِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطُوفَ طَوَافًا وَاحِدًا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُؤَخِّرَ الرُّكُوعَ لَهُ إلَى بَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ مَغِيبِهَا وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي حَوَائِجِهِ وَضَرُورَاتِهِ فَإِذَا فَرَغَ رَجَعَ إلَى الطَّوَافِ فَإِنْ تَعِبَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَجَلَسَ فِي مَوْضِعِ مُصَلَّاهُ تُجَاهَ الْكَعْبَةِ فَحَصَلَ لَهُ النَّظَرُ إلَى الْكَعْبَةِ وَهُوَ عِبَادَةٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «النَّظَرُ إلَى الْبَيْتِ عِبَادَةٌ» وَيَحْصُلُ لَهُ اسْتِغْفَارُ الْمَلَائِكَةِ فَإِذَا ذَهَبَ تَعَبُهُ قَامَ وَشَرَعَ فِي الطَّوَافِ يُفْعَلُ ذَلِكَ إلَى الْيَوْمِ وَهَذَا بِخِلَافِ أَهْلِ مَكَّةَ فَإِنَّ الْمُسْتَحَبَّ لَهُمْ أَنْ يُكْثِرُوا مِنْ التَّنَفُّلِ بِالصَّلَاةِ وَالْفَرْقُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015