عِبَارَتِهِ وَإِيضَاحِ إشَارَتِهِ وَتَفْكِيكِ رُمُوزِهِ وَاسْتِخْرَاجِ مُخَبَّآتِ كُنُوزِهِ وَإِبْرَازِ فَوَائِدِهِ وَتَقْيِيدِ شَوَارِدِهِ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ الْهُمَامُ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ أَبُو الْبَقَاءِ بَهْرَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عِوَضٍ الدَّمِيرِيُّ الْقَاهِرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَشَرَحَهُ ثَلَاثَةَ شُرُوحٍ صَارَ بِهَا غَالِبُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْوُضُوحِ وَاشْتَهَرَ مِنْهَا الْأَوْسَطُ غَايَةَ الِاشْتِهَارِ وَاشْتَغَلَ النَّاسُ بِهِ فِي سَائِرِ الْأَقْطَارِ مَعَ أَنَّ الشَّرْحَ الْأَصْغَرَ أَكْثَرُ تَحْقِيقًا وَشَرَحَهُ أَيْضًا مِنْ تَلَامِذَةِ الْمُصَنِّفُ الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْفُرَاتِ الْمِصْرِيُّ وَالشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ جَمَالُ الدِّينِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مِقْدَادِ بْنِ إسْمَاعِيلَ الْأَقْفَهْسِيُّ شَارِحُ الرِّسَالَةِ.
وَيُقَالُ لَهُ: الْأَقْفَاصِيُّ وَسَلَكَا فِي شَرْحَيْهِمَا مَسْلَكَ الشَّيْخِ بَهْرَامَ وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْفُرَاتِ أَوْسَعَ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَشَرَحَهُ أَيْضًا مِمَّنْ أَخَذَ عَنْ الْمُصَنِّفِ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ يُوسُفُ بْنُ خَالِدِ بْنِ نُعَيْمٍ الْبِسَاطِيُّ قَرِيبُ الْبِسَاطِيِّ الْمَشْهُورِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى شَرْحِهِ ثُمَّ شَرَحَهُ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ شَيْخُ شُيُوخِنَا قَاضِي الْقُضَاةِ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ نُعَيْمٍ عَلَى وَزْنِ عَظِيمٍ بْنِ مُقَدِّمٍ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ الْبِسَاطِيُّ شَرْحًا أَكْثَرَ فِيهِ مِنْ الْأَبْحَاثِ وَالْمُنَاقَشَةِ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَسَلَكَ مَسْلَكَ الشَّارِحِ فِي غَالِبِ شَرْحِهِ ثُمَّ شَرَحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَسَلَكُوا نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ.
وَبَقِيَتْ فِي الْكِتَابِ مَوَاضِعُ يُحْتَاجُ إلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهَا وَأَمَاكِنُ يَتَحَيَّرُ الطَّالِبُ اللَّبِيبُ لَدَيْهَا فَتَتَبَّعَ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ مُفْتِي فَاسَ وَخَطِيبُهَا وَمُقْرِئُهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ غَازِيٍّ الْعُثْمَانِيُّ نِسْبَةً إلَى قَبِيلَةٍ يُقَالُ لَهَا: بَنُو عُثْمَانَ الْمِكْنَاسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ ذَلِكَ أَمَاكِنَ كَثِيرَةً وَفَكَّكَ مَوَاضِعَ مِنْ تَرَاكِيبِهِ الْعَسِيرَةِ فَأَوْضَحَهَا غَايَةَ الْإِيضَاحِ وَأَفْصَحَ عَنْ مَعَانِيهَا كُلَّ الْإِفْصَاحِ وَبَقِيَتْ فِيهِ مَوَاضِعُ إلَى الْآنَ مُغْلَقَةٌ وَمَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مُطْلَقَةٌ وَكُنْت فِي حَالِ الْقِرَاءَةِ وَالْمُطَالَعَةِ جَمَعْت مِنْ ذَلِكَ مَوَاضِعَ عَدِيدَةً مَعَ فُرُوعٍ مُنَاسِبَاتٍ وَتَتِمَّاتٍ مُفِيدَةٍ فَحَصَلَ مِنْهَا جُمْلَةٌ مُسْتَكْثَرَةٌ فِي أَوْرَاقَ مُفَرَّقَةٍ مُنْتَشِرَةٍ جَعَلْتُهَا لِنَفْسِي تَذْكِرَةً فَأَرَدْت جَمْعَ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ عَلَى انْفِرَادِهَا ثُمَّ إنِّي رَأَيْت أَنَّهُ لَا تَكْمُلُ الْفَائِدَةُ بِذَلِكَ إلَّا إذَا ضُمَّ إلَى الشَّرْحِ وَحَاشِيَةِ الشَّيْخِ ابْنِ غَازِيٍّ وَقَدْ لَا يَتَأَتَّى لِلشَّخْصِ جَمْعُ ذَلِكَ.
ثُمَّ أَرَدْت جَمْعَ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ ابْنِ غَازِيٍّ فَرَأَيْت الْحَالَ كَالْحَالِ عَلَى أَنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي مَسَائِلِ الْعُتْبِيَّةِ: مَا مِنْ مَسْأَلَةٍ وَإِنْ كَانَتْ جَلِيَّةً فِي ظَاهِرِهَا إلَّا وَهِيَ مُفْتَقِرَةٌ إلَى الْكَلَامِ عَلَى مَا يَخْفَى مِنْ بَاطِنِهَا، وَقَدْ يَتَكَلَّمُ الشَّخْصُ عَلَى مَا يَظُنُّهُ مُشْكِلًا وَهُوَ غَيْرُ مُشْكِلٍ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ مَا يَظُنُّهُ هُوَ جَلِيًّا، فَالْكَلَامُ عَلَى بَعْضِ الْمَسَائِلِ دُونَ بَعْضٍ عَنَاءٌ وَتَعَبٌ بِغَيْرِ كَبِيرِ فَائِدَةٍ وَإِنَّمَا الْفَائِدَةُ التَّامَّةُ الَّتِي يَعْظُمُ نَفْعُهَا وَيُسْتَسْهَلُ الْعَنَاءُ فِيهَا أَنْ يَتَكَلَّمَ الشَّخْصُ عَلَى جَمِيعِ الْمَسَائِلِ؛ كَيْ لَا يُشْكِلَ عَلَى أَحَدٍ مَسْأَلَةٌ إلَّا وَجَدَ التَّكَلُّمَ عَلَيْهَا وَالشِّفَاءَ مِمَّا فِي نَفْسِهِ مِنْهَا؛ فَاسْتَخَرْت اللَّهَ تَعَالَى فِي شَرْحِ جَمِيعِ الْكِتَابِ وَالتَّكَلُّمِ عَلَى جَمِيعِ مَسَائِلِهِ مَعَ ذِكْرِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ كُلُّ مَسْأَلَةٍ مِنْ تَقْيِيدَاتٍ وَفُرُوعٍ مُنَاسَبَةٍ وَتَتِمَّاتٍ مُفِيدَةٍ مِنْ ضَبْطٍ وَغَيْرِهِ، وَمَعَ ذِكْرِ غَالِبِ الْأَقْوَالِ وَعَزْوِهَا وَتَوْجِيهِهَا غَالِبًا وَالتَّنْبِيهِ عَلَى مَا فِي كَلَامِ الشُّرُوحِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا لِهَذَا الْكِتَابِ، وَهِيَ الشُّرُوحُ الثَّلَاثَةُ لِلشَّيْخِ بَهْرَامَ وَشَرْحُ ابْنِ الْفُرَاتِ وَالْأَقْفَهْسِيِّ وَالْبِسَاطِيِّ وَحَاشِيَةُ الشَّيْخِ ابْنِ غَازِيٍّ وَشَرْحُ الْفَصْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ كَلَامِ الْعَلَّامَةِ الْمُحَقِّقِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْزُوقٍ التِّلِمْسَانِيِّ وَلَمْ أَرَ أَحْسَنَ مِنْ شَرْحِهِ؛ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ تَفْكِيكِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَبَيَانِ مَنْطُوقِهَا وَمَفْهُومِهَا وَالْكَلَامِ عَلَى مُقْتَضَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، وَلَكِنَّهُ عَزِيزُ الْوُجُودِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ وَلَا يَقَعُ إلَّا فِي يَدِ مَنْ يَضَنُّ بِهِ حَتَّى لَقَدْ أَخْبَرَنِي وَالِدِي أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ بَعْضِ الْمَكِّيِّينَ كُرَّاسٌ مِنْ أَوَّلِهِ فَكَانَ لَا يَسْمَحُ بِإِعَارَتِهِ، وَيَقُولُ: إنْ أَرَدْت أَنْ تُطَالِعَهُ فَتَعَالَ إلَيَّ. وَقَدْ