ومن هنا بدأ رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يسلك طريق الحكمة في حل الحالة الراهنة في قريش، فوقف المواقف العظيمة التي يعجز عنها عظماء الرجال بل البشر جميعاً.

بدأ - صلى الله عليه وسلم - يعرض دعوته على ألصق الناس به، وأهل بيته، وأصدقائه، ومن توسم فيهم خيراً ممن يعرفهم ويعرفونه، يعرفهم بحب الخير والحق، ويعرفونه بتحري الصدق والصلاح، فأجابه من هؤلاء جمع عُرفوا في التاريخ الإسلامي بالسابقين الأولين، فكان أول من أسلم زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - ثم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ثم مولاه زيد بن حارثة الكلبي - رضي الله عنه - ثم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -.

ونشط أبو بكر في دعوة رجال كان لهم أثر عظيم في الإسلام، أمثال: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد اللَّه، فهؤلاء النفر الذين أسلموا على يد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - بالإضافة إلى علي، وزيد، وأبي بكر، يصبحون ثمانية، هم الذين سبقوا الناس، وهم الرعيل الأول وطليعة الإسلام.

ودخل الناس في دين اللَّه واحداً بعد واحد، حتى فشا الإسلام في مكة، وتُحدِّث به، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجتمع بهم ويعلمهم ويرشدهم مختفياً؛ لأن الدعوة لا تزال فردية وسرية، وكان الوحي قد تتابع، وحمي نزوله بعد نزول أوائل المدثر، ولم يكن - صلى الله عليه وسلم - يظهر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015