وحينئذ يجب الكف عن التكييف تقديرا بالجنان أو تقريرا باللسان أو تحريرا بالبنان.

ولقد سار السلف جميعهم على منع التكييف في صفات الله تعالى، ولهذا لما سئل الإمام مالك رحمه الله تعالى عن قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، كيف استوى؟ أطرق رحمه الله برأسه حتى علاه الرحضاء (العرق) ثم قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"1. وروي عن شيخه ربيعة أيضا: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول"2. وقد مشى أهل العلم بعدهما على هذا الميزان. وإذا كان الكيف غير معقول ولم يرد به الشرع فقد انتفى عنه الدليلان العقلي والشرعي، فوجب الكف عنه.

فالحذر الحذر من التكييف ومحاولته فإنك إن فعلت وقعت في مفاوز لا تستطيع الخلاص منها، وإن ألقاه الشيطان في قلبك فاعلم أنه من نزغاته فالجأ إلى ربك فإنه معاذك وافعل ما أمرك به فإنه طبيبك، قال الله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف: 250] "3.

وقال ابن القيم: "والعقل قد يئس عن تعرف كنه الصفة وكيفيتها، فإنه لا يعلم كيف الله إلا الله، وهذا معنى قول السلف "بلا كيف" أي بلا كيف يعقله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015