الإلهيات والنبوات لا يعتمدون نصوص الكتاب والسنة، ولذلك لن تجد في هذين البايين إلا الشبه العقلية المركبة وفق القواعد المنطقية، ويا عجبا أنأخذ ديننا من ملاحدة اليونان وتلامذتهم أم من كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟!
وأما باب السمعيات- أي البعث والحشر والجنة والنار والوعد والوعيد- فهم يقبلون النصوص الشرعية، وبالتالي سموا هذا الباب بالسمعيات في مقابل باب الإلهيات والنبوات؟ إذ إنهم يعتمدون فيهما على العقليات، وهؤلاء شابهوا حال من قال الله تعالى فيهم: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 85] .
وأما الأساس الثاني: وهو تنزيه الله عن مشابهة المخلوقين، ففيه تمييز لعقيدة أهل السنة عن عقيدة المعطلة من جهة، وعن عقيدة المشبهة من جهة أخرى. فأهل السنة: يعتقدون أن ما اتصف الله به من الصفات لا يماثله فيها أحد من خلقه، فالله عز وجل قد أخبرنا بذلك بنص كتابه العزيز حيث قال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] ، فإذا ورد النص بصفة من صفات الله تعالى في الكتاب أو السنة فيجب الإيمان به والاعتقاد الجازم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والشرف والعلو مما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين، فالشر كل الشر في عدم تعظيم الله وأن يسبق في ذهن الإنسان أن صفة الخالق تشبه صفة المخلوق، فعلى القلب المؤمن المصدق بصفات الله التي تمدح بها أو أثنى عليه بها نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يكون معظما لله عز وجل غير متنجس بأقذار التشبيه، لتكون أرض قلبه طيبة طاهرة قابلة للإيمان بالصفات على أساس التنزيه أخذا بقوله تعالى: {لَيْسَ