...
المطلب الأول: الفرق بين التشبيه والتجسيم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وفي الجملة الكلام في التمثيل والتشبيه ونفيه عن الله مقام، والكلام في التجسيم ونفيه مقام آخر.
فإن الأول دل على نفيه الكتاب والسنة وإجماع السلف والأئمة، واستفاض عنهم الإنكار على المشبهة الذين يقولون: يد كيدي، وبصر كبصري، وقدم كقدمي.
وقد قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} الشورى: 11، وقال تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} الإخلاص: 4،، وقال: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} مريم: 65، وقال تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً} البقرة: 22، وأيضا فنفي ذلك معروف بالدلائل العقلية التي لا تقبل النقيض، وأما الكلام في الجسم والجوهر، ونفيهما أو إثباتهما، فبدعة ليس لها أصل في كتاب الله ولا سنة رسوله، ولا تكلم أحد من السلف والأئمة بذلك نفيا ولا إثباتا. والنزاع بين المتنازعين في ذلك: بعضه لفظي، وبعضه معنوي. أخطأ هؤلاء من وجه وأخطأ هؤلاء من وجه.
فإن كان النزاع مع من يقول: هو جسم أو جوهر، إذا قال: لا كالأجسام ولا كالجواهر، وإنما هو في اللفظ.
فمن قال: هو كالأجسام والجواهر، يكون الكلام معه بحسب ما يفسره من المعنى.
فإن فسر ذلك بالتشبيه الممتنع على الله تعالى، كان قوله مردودا.