طالب - رضي الله عنه - وبايع الناس الحسن بن علي - رضي الله عنه - وكانت كتائب الحسن كالجبال، كما ذكره البخاري في صحيحه (?)، فأراد الحسن أن يحقن دماء المسلمين، ويجمعهم على إمام واحد يلم شملهم، فتنازل لمعاوية بن أبي سفيان، خال المؤمنين، وكاتب وحي رب العالمين (?) - رضي اللَّه عن جميع أصحاب رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أجمعين - فكان هذا الموقف الذي وقفه الحسن من أعظم مواقف الحكمة، ومن أبرز الأدلة الواضحة على زهد الحسن في الدنيا الفانية، ورغبته في الآخرة الباقية، وحقنه دماء أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقد ترك الخلافة والملك، لا لقلَّةٍ ولا لذلةٍ، ولا لعلةٍ، بل لرغبته فيما عند اللَّه؛ لما رآه من حقن دماء المسلمين، فراعى أمر الدين ومصلحة الأمة (?).
وسمى هذا العام الذي تنازل الحسن - رضي الله عنه - فيه لمعاوية: عام الجماعة، لاجتماع الكلمة فيه على معاوية - رضي الله عنه - (?).
والمقصود أن موقف الحسن موقف حكيم عظيم سديد؛ لأنه حقن به دماء وأموال وأعراض أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.