• ومن مواعظه في باب العلم قوله - رضي الله عنه - (?):

«إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا سدَّده، وجعل سؤاله عمَّا يعينه، وعلمه فيما ينفعه».

صدق - رضي الله عنه -؛ فإنَّ من علامة توفيق الله لعبده أن يسدِّده في أقواله وأفعاله، فليست العبرة بكثرة قوله وفعله، بل العبرة بالسَّداد، وهو الصواب، ولا يكون صوابًا إلا إذا كان خالصًا على السُّنَّة النبويَّة.

ومن علامات توفيق الله لطالب العلم: أن يوفَّق للسؤال عمَّا يعنيه وينفعه، ويُبعده عمَّا لا يعنيه؛ ولهذا كان بعض السلف يربِّي تلاميذه إذا سألوا أسئلةً لا عمل تحتها، فينهونهم، قال الإمام مالك رحمه الله: «ولا أحبُّ الكلام إلا فيما تحته عمل، فأمَّا الكلام في الدِّين وفي الله عز وجل، فالسكوت أحبُّ إليَّ؛ لأنِّي رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام في الدِّين إلا ما تحته عملٌ» (?).

وقال ابن وهبٍ - تلميذ مالكٍ - قال لي مالكٌ: «أدركت أهل هذه البلاد وإنَّهم ليكرهون هذا الإكثار الذي في الناس اليوم»، قال ابن وهبٍ: «يريد المسائل» (?).

والمشاهد في واقع بعض طلاب العلم -خاصةً ممَّن هم في بواكير الطلب، وبداية التحصيل -من يُرهق نفسه بتتبُّع الغرائب، ويترك السؤال عن الأصول والقواعد والمهمَّات من العلم الذي يتعنَّاه، ويُكثر السؤال عمَّا لا يعينه، فيفوته خيرٌ كثيرٌ، بل ربَّما حُرِم الوصول، وتحرير الأصول، وهذا غلطٌ وخطأٌ في المنهج، وها هي وصيَّة ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015