فقيرًا إليه ولا إلى من يفعله، وأمَّا إذا طمع في أمرٍ من الأمور ورجاه، تعلَّق قلبه به، فصار فقيرًا إلى حصوله وإلى من يظنُّ أنَّه سببٌ في حصوله، وهذا في المال والجاه والصُّور وغير ذلك» (?).انتهى.
ثمَّ أوصى سعدٌ ابنه فقال: «وإيَّاك وما يعتذر منه من القول والعمل»، والمعنى: لا تتكلَّم بكلامٍ، أو تعمل عملًا يحوجك إلى الاعتذار، فالكلمة ما دامت لم تخرج من الفم، فأنت تملكها، فإن خرجت مَلَكَتْك، وكذلك الفعل.
ولا يعفي الإنسان أن يفعل فعلًا فيه إشكالٌ أو ريبةٌ، يحوجه إلى التوضيح والبيان؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - قولًا مُحكمًا، وقاعدةً من قواعد هذا الشرع: «فمن اتَّقى الشُّبهات، استبرأ لدينه وعرضه» (?).
كم من إنسانٍ ألقى كلمةً أحوجته إلى ما كان يكره من الاعتذار والذلِّ للخلق!
ومن الأمثلة الواقعيَّة: أنَّ أحدهم ربَّما سمع كلامًا عن شخصٍ من الناس، فتحدَّث به في المجالس دون تثبُّتٍ! وأصبح يتكلَّم في المجالس: فلانٌ قال كذا، وفعل كذا! ثم تبيَّن له بعد مدَّةٍ أنَّ ما كان يقوله عن فلانٍ غير صحيحٍ! هنا سيضطرَّ إلى ما كان غنيًّا عنه، ولو كلَّف نفسه قليلًا عناء التثبُّت، لارتاح وأراح! لكنَّه وقع في أمرٍ لا يمكن تداركه، وما أحسن قول الأوَّل:
يموت الفتى من عثرةٍ بلسانه ... وليس يموت المرء من عثرة الرِّجل
فعثرته بالقول تودي برأسه ... وعثرته بالرِّجل تبرا على مهل (?)