العيش، وما يترتَّب عليه من تبعاتٍ وتكاليف، فقلَّ من يتفطَّن له؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (فو الله ما الفقر أخشى عليكم، ولكنِّي أخشى أن تبسط عليكم الدُّنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم) (?).

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: «وكلتا النعمتين - الضراء والسراء - تحتاج مع الشكر إلى الصبر؛ أمَّا الضراء، فظاهرٌ، وأمَّا نعمة السراء، فتحتاج إلى الصبر على الطاعة فيها، كما قال بعض السلف: ابتلينا بالضراء فصبرنا، وابتلينا بالسراء فلم نصبر؛ فلهذا كان أكثر من يدخل الجنة المساكين، لكن لمَّا كان في السراء اللذَّة، وفي الضراء الألم؛ اشتهر ذكر الشكر في السراء، والصبر في الضراء؛ قال تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ} إلى قوله: {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [هود: 11] الآية» (?) انتهى.

«فالرجل كلَّ الرجل من يصبر على العافية، ومعنى الصبر عليها: ألاَّ يركن إليها، ويعلم أنَّ كلَّ ذلك مستودعٌ عنده، وعسى أن يسترجع على القرب، وألَّا يرسل نفسه في الفرح بها، ولا ينهمك في التنعُّم واللذة، واللهو واللعب، وأن يرعى حقوق الله في ماله بالإنفاق، وفي بدنه ببذل المعونة للخلق، وفي لسانه ببذل الصِّدق، وكذلك في سائر ما أنعم الله به عليه» (?).

يقول الله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35]، قال ابن رجب رحمة الله معلِّقًا على هذه الآية:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015