ولهؤلاء الذين حال بينهم وبين التعلُّم ما سبق أو غيره، أذكِّرهم بكلمةٍ وموقفٍ:
أمَّا الكلمة، فهي قول أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - كما علَّقه البخاري -: «تفقَّهوا قبل أن تُسوَّدُوا»، قال البخاريُّ بعد هذا مباشرةً: «وبعد أن تُسوَّدوا، وقد تعلَّم أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في كِبَرِ سنِّهم».
وأمَّا الموقف، فهو للبضعة النبويَّة الملقَّب بزين العابدين: عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالبٍ، والذي عاش حياته في المدينة، وكان سيِّدًا من سادات الناس، وموضع الإجلال والتقدير، فكان يتخطَّى حلق قومه من قريشٍ، حتى يأتي زيد بن أسلم -وهو مولى من الموالي، لكنَّه عالمٌ كبيرٌ - فيجلس عنده، فقال: «إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه» (?).
يا للعلم والعقل! لم يلتفت للُّغة المستعلية على العلم، ولا المنطق الذي يثير غبار الجاهليَّة، فيجيب بهذه الكلمة التي عليها أثارةٌ من النبوة «إنَّما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه».
وأمَّا الكلمة الخامسة، فهي: «وإنَّ الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد؛ لا خير في جسدٍ لا رأس له» (?).
نعم .. إنَّه الصبر! «فإذا استحكمت الأزمات وتعقَّدت حبالها، وترادفت الضوائق وطال ليلها، فالصبر وحده هو الذي يشعُّ للمسلم النور العاصم من التخبُّط، والهداية الواقية من القنوط» (?).