ومن هنا أطبق السلف- رضي الله عنهم ورحمهم- على هذا المعنى، وكلامهم في هذا الباب كثيرٌ جدًّا، بل صنَّف بعض الأئمة كتبًا في أدب المنطق والصمت.

يقول يعلى بن عبيدٍ رحمه الله: (دخلنا على محمَّد بن سُوقة فقال: «أحدِّثكم بحديثٍ لعلَّه ينفعكم فإنَّه قد نفعني! قال لنا عطاء بن أبي رباحٍ: يا بني أخي، إنَّ من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدُّون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أن تقرأه، أو تأمر بمعروفٍ، أو تنهى عن منكرٍ، أو تنطق بحاجتك في معيشتك التي لا بدَّ لك منها، أتُنكرون: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ} [الانفطار: 10، 11]، و {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 17، 18]؟ أما يستحي أحكم أن لو نشرت عليه صحيفته التي أملى صدر نهاره، كان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه؟! (?).

ولو طبَّقنا وصية عبد الله بن عمرٍو بقوله: «واخزن لسانك كما تخزن نفقتك»، لم نتكلَّم إلا قليلًا، وفيما يعنينًا، والله المستعان.

* * *

• ومن مواعظ عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قوله (?):

«من سُئل عمَّا لا يدري، فقال: لا أدري، فقد أحرز نصف العلم».

ما أحسن أن تأتي مثل هذه الموعظة من عالمٍ كعبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما!

وهذا المعنى الذي أشار إليه عبد الله متواترٌ عن السلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015