• لقد رويت عن عبد الله بن عمروٍ - رضي الله عنه - جملةٌ من المواعظ؛ منها قوله (?):
«دع ما لست منه في شيءٍ، ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن نفقتك».
هذه الجملة الوعظيَّة تضمَّنت وصيَّتين عظيمتين:
الأولى: «دع ما لست منه في شيء»، وهي تشبه تلك الجملة المأثورة: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (?)، وهي إن كانت من حيث السند فيها نظرٌ في نسبتها للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ إلا أنَّها - كما يقول ابن رجب:- «أصلٌ عظيمٌ من أصول الأدب» (?).
ومراد عبد الله في قوله: «دع ما لست منه»؛ أي: لا يعنيك شرعًا، أو عرفًا، بحيث لا يخالف الشرع، ولابدَّ من حمل هذه الكلمة على هذا المعنى؛ حتى لا يَظُنَّ أحدٌ أنَّه يريد بها ما ليس منها؛ كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وما أكثر ما يدخل الناس فيما ليسوا منه، ولا يعنيهم في قبيلٍ ولا دبير، ولا قليلٍ ولا كثير! ومن ذلك: السؤال عن بعض التفاصيل التي سكتت عنها الشريعة - لا نسيانًا؛ ولكن - رحمةً بالخلق، أو لأنَّ تفصيلها لا فائدة منه، ويذكر في ترجمة أحد تلاميذ الإمام مالكٍ - رحمهم الله - حين جاءه كتابٌ من بعض الملوك يسأله عن كِفَّتي الميزان: أمن ذهبٍ هي أم من ورقٍ؟ فكتب في الجواب: حدَّثنا مالكٌ