يلتفت إلى هذا، بل يَصِلُ ولو وجد صُدودًا وقطيعة ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، ففي صحيح مسلمٍ أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، إنَّ لي قرابةً أَصِلُهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويُسيئُون إليَّ، وأحلُمُ عنهم ويجهلون عليَّ، فقال: (لَئِن كنت كما قلت، فكأنَّما تسفُّهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك) (?).
* * *
• ومن مواعظ عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قوله لابنه (?):
«يا بُنيَّ، احفظ عنِّي ما أُوصيك به: إمامٌ عادل، خيرٌ من مطرٍ وابل، وإمامٌ ظلومٌ غشوم، خيرٌ من فتنةٍ تَدُوم».
إنَّ من حكمة الله ورحمته أن شرع للناس اختيار إمامٍ وحاكمٍ يقود الناس ويسوسهم بكتاب الله وسنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ:
لا يصلح النَّاس فوضى لاسراة لهم ... ولا سراة إذا جهَّالهم سادوا
ويقول ابن المبارك رحمه الله:
إنَّ الجماعة حبل الله فاعتصموا ... منه بعروته الوثقى لمن دانا
كم يدفع الله بالسُّلطان معضلةً ... في ديننا رحمةً منه ودنيانا
لولا الخلافة لم تأمن لنا سبلٌ ... وكان أضعفنا نهبًا لأقوانا
قال ابن تيمية رحمه الله: «والملك الظالم لا بدَّ أن يدفع الله به من الشرِّ أكثر من ظُلمه، وقد قيل: ستُّون سنةً بإمامٍ ظالمٍ، خيرٌ من ليلةٍ واحدةٍ بلا إمامٍ» (?).