ومن علم أنَّ مصيره لحفرةٍ ضيِّقةٍ؛ فليجتهد في عملٍ صالحٍ يوسِّعها عليه، ونورٍ يضيء ظلمتها، فما أشدَّ غربة أهل القبور، إلا من آنس الله وحشتهم! وما أطول حسرتهم إلا من نجا برحمة الله ثمَّ بعمله الصالح!
فالله الله أن نجتهد في الاستعداد لذلك المصرع، وليوقن العبد أنَّه من صدق في سيره وسريرته مع الله، فلن يخيِّبه الله، ومن خرَّب ما بينه وبين الله، فيوشك أن يكون قد خرَّب دنياه وداره البرزخيَّة، والأخرويَّة، نعوذ بالله من الخذلان.
* * * *
• ثم قال - رضي الله عنه -:
«ثمَّ تنتقلون منه إلى منزلٍ آخر، فيغشى الناس ظلمةٌ شديدةٌ، ثم يقسم النور، فيُعطى المؤمن نورًا، ويُترك الكافر والمنافق فلا يُعطيان شيئًا».
وهذا تأكيدٌ للمعنى الذي سبق، فمن نوَّر الله قلبه في الدُّنيا بطاعته، امتدَّ هذا النور معه في البرزخ وفي الآخرة، ومن أظلم قلبه في هذه الدار بالمعاصي ومنكرات الأقوال والأعمال، فيوشك أن ينتقل أثر هذه الظُّلمة للبرزخ والآخرة!
ويا لها من حسرةٍ! حين يرى الإنسان أناسًا في المحشر قد أوتوا نورًا، وإذا به يريد قبسةً من هذا النور، فإذا به يحال بينه وبين ذلك، ويعجز عن إدراكه! نعوذ بالله من الحرمان.
وهذا معنى قوله - رضي الله عنه -: «ثمَّ تنتقلون منه إلى منزلٍ آخر، فيغشى الناس ظلمةٌ شديدةٌ، ثم يقسم النور، فيُعطى المؤمن نورًا، ويُترك الكافر والمنافق فلا يُعطيان شيئًا».