يستطيع من عاش في الناس ألَّا يلابسهم، قال: «فإن لابستهم، فاصدق الحديث، وأدِّ الأمانة».
ومن المعلوم أنَّ سلمان - رضي الله عنه - لا يريد من الرجل أن يفارق الناس كليَّة، ولكنَّه أراد أن يوطِّئ له النصيحة عند المخالطة، وهي أن يخالطهم بأشرف الأخلاق، وهما: الصدق والأمانة؛ فالصدق في الأقوال، والأمانة في ردِّ الحقوق؛ فإنَّ غالب أسباب تصرُّم العلاقات، ووجود الوحشة، وارتفاع الناس للقضاء في الخصومات عائدٌ إلى الإخلال بهذين الأمرين، وما أوحش المجتمع إذا قلَّ فيه الصادقون، وكثر فيه الخائنون للأمانات!
* * *
• ومن مواعظ سلمان - رضي الله عنه - العمليَّة (?): أنَّ بعض أفراد قبلية قريشٍ تفاخر عند سلمان الفارسيِّ - رضي الله عنه - يومًا، فقال سلمان:
«لكنَّني خُلقت من نُطفةٍ قذرةٍ، ثم أعود جيفةً مُنتنةً، ثم آتي الميزان، فإن ثَقُلَ فأنا كريم، وإن خفَّ فأنا لئيم».
هكذا هم العلماء يعظون بأقوالهم وبمواقفهم، ولسان حال سلمان يقول:
أبي الإسلام لا أب لي سواه ... إذا افتخروا بقيسٍ أو تميم
ولا ريب أنَّ النَّسب الشريف إذا قارنته التَّقوى كان نورًا على نورٍ، أمَّا إذا تجرَّد منها، فهذا إلى الذمِّ أقرب منه إلى المدح، فالإنسان لا اختيار له في نسبه؛ ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وليس في كتاب الله