يهمُّ بمعصيةٍ، يتذكَّر قول ربِّه- جلَّ وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، ويتذكَّر قول الله - جلَّ في علاه-: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19]! فللَّه لو لم يكن للحياء من فضيلةٍ سوى هذه، لكفى! ولذا كان قليلو الحياء لا يبالون بمعصية الله - عز وجل - وهم في ذلك درجاتٌ كثيرةٌ- مصداقًا لقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّ ممَّا أدرك النَّاس من كلام النُّبوَّة: إذا لم تستحي، فاصنع ما شئت) (?).
إذا لم تصن عرضًا ولم تخش خالقًا ... ولم ترع مخلوقًا فما شئت فاصنع
ولذلك كان من أقبح آثار المعاصي: ذهاب الحياء، الذي هو مادة حياة القلب، وهو أصل كلِّ خيرٍ، وذهابه ذهاب الخير أجمعه! يقول ابن القيِّم رحمه الله: «فمن لا حياء له ميِّتٌ في الدُّنيا، شقيٌّ في الآخرة ... ومن استحى من الله عند معصيته، استحى الله من عقوبته يوم يلقاه، ومن لم يستح من معصيته، لم يستح من عقوبته».اهـ (?). ومع فضيلة هذا الخلق وأثره في حياة المسلم، فإنَّ من المؤسف أن يرى المسلم الغيور مظاهر كثيرةً، وصورًا متنوعة من خرق هذا الخلق، وتحطيم أسواره! فبعض الناس لا يبالي بالمجاهرة بالمعصية أمام الناس؛ بحجَّة أنَّ هذا من الشجاعة والصراحة أن يكون المظهر كالمخبر! وأقبح منه أن يدَّعي أنَّ المجاهرة وعدم الاهتمام بالناس من الرجولة! مساكين هؤلاء! لقد طمست بصائرهم، فرأوا الباطل حقًّا، والحقَّ باطلًا.
ومن ذلك: ما تفعله بعض المسلمات من سفورٍ ونزعٍ للحجاب الشرعيِّ، الذي أجمع العلماء على وجوبه، وسبحان الله! ما قيمة المرأة بلا حياءٍ؟!