قال الإمام أحمد لرجلٍ: «لو صحَّحت، ما خِفتَ أحدًا» (?).
والمعنى: لو صحَّحت نيَّتك، وتعلَّق قلبك حقًّا بخالقه، ما خفت؛ أي: إلا الخوف الطبيعيَّ.
تذكر كتب السِّير أنَّ الإمام عفَّان بن مسلم الصَّفَّار - أحد شيوخ الإمام أحمد رحمهم الله - دُعِي إلى القول بخلق القرآن، فامتنع أن يُجيب، فقيل له: يُحبس عطاؤك! - وكان يُعطى في كلِّ شهرٍ ألف درهمٍ - فقال - وانظر إلى التعلُّق بالله: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]!
قال: فلمَّا رجع إلى داره عاتبه نساؤه ومن في داره! قال: وكان في داره نحو أربعين إنسانًا!
قال: فدقَّ عليه داقٌّ الباب، فدخل عليه رجلٌ ومعه كيسٌ فيه ألف درهمٍ، فقال: يا أبا عثمان، ثبَّتك الله كما ثبَّتَّ الدِّين، وهذا في كلِّ شهرٍ (?).
الله أكبر! ينقطع عنه المال من هنا، فيجريه الله من جهةٍ أخرى، وصدق ابن عمر: «من استغنى بالله اكتفى، ومن انقطع إلى غير الله يعمى»، وقول الله أبلغ: {... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 2، 3].
* * *