يُواظِبُ على النوافِل كالتراويحِ، ولا تكادُ تَجِدْهُ في صلاةِ الجَماعةِ، ومنهم: مَنْ يلازِمُ مَجَالِسَ الوَعْظِ ولا يَعْمَلُ بِمَا يَسْمَعُ ولا يَنْتَهِي عَنْ قَبيحِ ما يَأْتي، كأَنَّ المقصودَ الحُضُورُ فقطْ. قُلْتُ: لأنّ مَجَالسَ الذِكْرِ والإرْشادِ إنّما تُفيدُ لِكَوْنِهَا مُرَغِّبَةً في الخَيْرِ وباعِثةً في الغالِبِ عليه فإنَّ لَمْ يَنْشَأُ عنها ذَلِكَ فلا خيرَ فيها وصِفةُ هؤلاءِ كما قال بعضُ العُلماءِ: كمِثْلِ مريض يَحْضُرُ مَجَالِسَ الأطباءِ وَيَسْمَعُ مِنهم ما يَصِفونَهُ مِن الأدويةِ ولا يَفْعَلُها ولاَ يَشْتَغِلُ بها فأيُّ فائِدةٍ يَحْصُلَ عَليها.

فكُل وَعْظٍ لا يُغيّرُ مِنكَ صِفةً تَتَغَيَّرُ بِها أفعالُك حتى تُقْبِلَ على اللهِ عزَّ وجَلَّ وَتُعْرِضُ عن الدُّنْيَا وَتُقْبِلُ إِقْبالاً قويًّا، فإِنْ لَمْ تَفْعلْ فذلكَ كان زيادَة حُجةٍ عليكَ، وهذا غُرورٌ عظيمٌ.

ومنهم: مَنْ يَتَنَفَّلُ بالعباداتِ وَيُهْمِلُ الفرائضَ.

ومنهم: مَنْ يَتَطَّوعُ بالخيرِ وَيُكثرُ التسبيحَ معَ معامَلَتِهِ بالرِّبا واسْتِعْمَالِ الغِشِّ، وَرُبَما صاحَ على وَالِدَيهِ وَأَخذَ أَعْراضَ الناسِ، وَجُمهورُ الناسِ قد اتَّكَلوا على العفْو والحلمِ فهُمْ مُصِرّون على ذُنوبٍ وخطايا فإذا ذَكَرْت لهمُ العُقوبَةَ قالُوا: هو كريمٌ وَينْسَوْنَ أنه شَدِيدُ العِقابِ، ومنهم: أقوامٌ يَسْتَعْجِلُون المعصيةَ مُوَافقةً لِلْهَوى وَيُضْمِرون أننا سَنَتُوبُ وَيُسَوِّفُونَ بالتوبةِ، ومِنَ العُصاةِ مَنْ يَغْتَرُّ بِفِعْلِ خيرٍ فربما تَصَدّقَ أوْ سبَّحَ وَظَنَّ أَنَّ هذا يُقاوَمُ ذُنوبَهُ.

وَيَنْسَى مَا حَصَلَ مِنه مِنَ الغِيبَةِ والكَذِبِ والرِّياءِ وغيرِ ذلكَ مِن المعاصِي التي تَقْضِي على الحَسَنَاتِ التي أمثالُ الجبالِ.

ومِنَ المغترِّين مَنْ َيغرُّهُ صلاحُ آبائِهِ وربما قال: أبِي يَشْفَعُ لي ولا يَدْري أنَّ أباه فُضِّل بالتقوَى وكان مَعَ التَّقْوى خائفًا؟ ومِنْ أينَ له أن يَشْفَعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015