عبد الله بن حذافة مع ملك الروم

فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة مِنْ جَمِيعِ الْبَلايَا، وَأَجْزِلْ لَنَا مِنْ مَوَاهِبِ فَضْلِكِ وَهِبَاتِكِ وَمَتِّعْنَا بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصْبِحِهِ أَجْمَعِينَ.

" فَصْلٌ "

عَبْدُ اللهَ بن حُذَافَة وَقِصَّتُهُ مَعَ مَلِكِ الرُّومِ

أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: وَجَّهَ عُمَرُ بن الْخَطَّابَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَيْشًا إِلَى الرُّومِ وَفِيهِمْ رَجُل يُقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بن حُذَافَة مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَسَرَهُ الرُّومُ فَذَهَبُوا بِهِ إِلَى مَلِكِهِمْ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّ هَذَا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ الطَّاغِيَةُ: هَلْ لَكَ أَنْ تَنَصَّرَ وَأُشْرِكَكَ فِي مُلْكِي وَسُلْطَانِي. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ: لَوْ أَعْطَيْتَنِي مَا تَمْلِكُ وَجَمِيعَ مَا مَلَكَتْهُ الْعَرَب عَلَى أَنْ أَرْجَعَ عَنْ دِينِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - طَرْفَةَ عَيْنٍ مَا فَعَلْتُ. قَالَ: إِذَا أَقْتُلُكَ. قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ. فَأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ، وَقَالَ لِلرمَاةِ: ارْمُوهُ قَرِيبًا مِنْ بَدَنِهِ قَرِيبًا مِنْ رِجْلَيْهِ، وَهُوَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَأْبَى.

ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُنْزِلَ ثُمَّ دَعَا بِقِدْرٍ فَصُبَّ فِيه حَتَّى احْتَرَقَ، ثُمَّ دَعَا بِأْسِيرِيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَرَ بِأَحَدِهِمَا فَأُلْقِيَ فِيهَا، وَهُوَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّصْرَانِيَّةَ، وَهُوَ يَأْبَى ثُمَّ أَمَرَ بِهِ أَنْ يُلْقَى فِيهَا، فَلَمَّا ذَهَبَ بِهِ بَكَى، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ بَكَى فَظَنَّ أَنَّهُ جَزِعَ، فَقَالَ: رُدُّوهُ فَعَرَضَ عَلَيْهِ النَّصْرَانِِيَّةَ فَأَبَى فَقَالَ: مَا أَبْكَاكَ إِذًا.

قَالَ: أَبْكَانِي أَنِّي قُلْتُ فِي نَفْسِي تَلْقَى السَّاعَةَ فِي هَذَا الْقِدْرِ فَتَذْهَبَ فَكُنْتُ اشْتَهِي أَنْ يَكُونَ بِعَدَدِ كُلِّ شَعْرَةٍ فِي جَسَدِي نَفْسٌ تُلْقى فِي اللهِ. قَالَ لَهُ الطَّاغِيَةُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015