تَحْذَرُونَ إِذَا نَظَرَ رَبُّ الْعَمَل فِي عَمَلِهِ الَّذِي أَفْسَدْتُمْ وَأَجْرِهِ الَّذِي أَخَذْتُمْ.
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: اتَّخِذُوا الْمَسَاجِدَ بيوتًا، وَالْبيوتَ مَنَازِلَ، وَكُلُوا بَقْلَ الْبَرِيَّةِ، وَاشْرَبُوا الْمَاءَ الْقُرَاحَ، وَانْجُوا مِنَ الدُّنْيَا سَالِمِينَ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِلْحَوَارِيِّينَ: لا تَنْظُرُوا فِي أَعْمَالِ النَّاسِ كَأَنَّكُمْ أَرْبَابٌ، وَانْظُرُوا فِي أَعْمَالِكُمْ كَأَنَّكُمْ عَبِيدٌ، فَإِنَّمَا النَّاسُ رَجُلانِ مُبْتَلَى وَمُعَافَى فَارْحَمُوا أَهْلَ الْبَلاءِ، وَاحْمِدُوا اللهَ عَلَى الْعَافِيَةِ. وَقَالَ: عَجَبًا لَكُمْ تَعْمَلُونَ لِلدُّنْيَا وَأَنْتُمْ تُرْزَقُونَ فِيهَا بِلا عَمَلٍ، وَلا تَعْمَلُونَ لِلآخِرَةِ وَأَنْتُمْ لا تُرْزَقُونَ فِيهَا بِلا عَمَلٍ.
اللَّهُمَّ سَلِّمْنَا مِنْ جِمِيعِ الآفَاتِ وَعَافِنَا مِنْ أَسْبَابِ الْمِحَنِ وَالْبَلِيَّاتِ، وَوَفِّقْنَا لِلْعَمَلِ بِالْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ وَارْفَعْ لَنَا فِي مَرْضَاتِكَ الدَّرَجَاتِ وَمَتِّعْنَا بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ فِي فَسِيحِ الْجَنَّاتِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِيْنَا وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ يَا مَنْ لا تَضُّرُهُ الْمَعْصَيَةُ وَلا تَنْفَعُهُ الطّاعَةُ أَيْقِظْنَا مِنْ نَوْمِ الْغَفْلَةِ، وَنَبِّهْنَا لاغْتِنَامِ أَوْقَاتِ الْمُهْلَةِ وَوَفِّقْنَا لَمَصَالِحِنَا وَاعْصِمْنَا مِنْ قَبَائِحِنَا، وَلا تُؤَاخِذُنَا بِمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ ضَمَائِرِنَا، وَأَكَنَّتْهُ سَرَائِرُنَا مِنْ أَنْوَاعِ الْقَبَائِحِ وَالْمَعَائِبِ التَّي تَعْلَمُهَا مِنَّا، وَامْنُنْ عَلَيْنَا يَا مَوْلانَا بِتَوْبَةٍ تَمْحُو بِهَا عَنَّا كُلَّ ذَنْبٍ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
فَصْلٌ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لأَخِيهِ: ارْكَبْ عَلَى هَذَا الْوَادِي فاعْلَمْ عِلْمَ هَذَا الرَّجُل الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيُّ يَأْتِيهُ الْخَبَر مِنَ السَّمَاءِ وَاسْمَعْ قَوْلُهُ ثُمَّ ائْتِنِي، فَانْطَلَقَ الأَخُ حَتَّى قَدِمَهُ وَسِمَعَ مِنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍ فَقَالَ لَهُ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الأَخْلاقِ وَكَلامًا مَا هُوَ بَالشِّعْرِ. فَقَالَ: شَفَيْتَني مِمَّا أَرَدْتُ.
فَتَزَوَّدَ حِمْل شَنَّةٍ فِيهَا مَاءٌ حَتَّى قَدِمَ مَكْةَ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَالْتَمَسَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَلا يَعْرِفُهُ وَكَرِهَ أنَّ يَسْأَلَ عَنْهُ حَتَّى أَدْرَكَهُ بَعْضُ اللَّيلِ اضْطَجَعَ فَرَآهَ عَلِيٌّ