وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
" مَوْعِظَةْ "
عِبَادَ اللهِ إِنَّ اللهَ اخْتَارَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - وَخَصَّهُ بِمَزَايَا لَمْ تَكُنْ لأَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ وَاخْتَارَ لَهُ أَصْحَابًا خَيْرَةَ النَّاسِ مِنْ خَلْقِهِ، وَخَصَّهُمْ بِمَزَايَا لَمْ تَكُنْ لِسِوَاهُمْ مِنَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ، حَاشَا الأَنْبِيَاءَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَأَثْنَى عَلَيْهمْ، سُبْحَانَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ تَنْبِيهًا عَلَى جَلالَةِ قَدْرِهِمْ، وَعَلُوِ مَنْزِلَتِهِمْ، وَعِظَمِ فَضْلِهِمْ، وَشَرَفِهِمْ. قَالَ تَعَالَى:
{وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ} .
وَقَالَ تَعَالَى يَصِفُهُمْ بِشِدَّةِ الرَّحْمَةِ وَلِينَ الْجَانِبِ لِبَعْضِهِمْ بَعْضًا وَشِدَّتِهِمْ عَلَى الْكُفَّارِ الْمُعَانِدِينَ {مُحَمَّدٌ رَسُول اللهِ والَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءَ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانَا سِيماهم فِي وجوهم من أثر السجود} .
وَقَالَ تَعَالَى يَصِفُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ بِأَفْضَلِ مَا يَصِفُ بِهِ إِنْسَانًا {لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .
وَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «خَيْرُ الْقُرُونَ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، وَلَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ أَصْبَرَ النَّاسِ بَعْدَ الرُّسُلِ عَلَى الأَذَى فِي اللهِ فَلَقَدْ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبَّنَا اللهَ وَصُبَّ عَلَيْهمْ الأَذَى مِنْ كُلِّ صَوْبٍ، فَلَمْ يَزِدْهُمْ إِلا