والشأنُ كُلَّ الشأنِ في الاستقامةِ على الصراطِ المستقيمِ مِن أول السير إلى الله {ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ} ، {وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} . ما أكثرَ مَن يَرْجِعُ أثناءَ الطريق وَيَنْقَطِعُ، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} .

شِعْرًا:

خَلِيلِيَّ قُطَّاعٌ الطَّرِيقِ إِلى الْحِمَا ... كَثِيرٌ وَأَمَّا الوَاصِلُونَ قَلِيلُ

وفي الحديث الصحيح الإلهي (القدسي) يقول الله عز وجل: (مَن تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَن تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَة) .

وفي المسند زيادة: (والله أعلا وأجل، والله أعلا وأجل) . وفيه أيضًا يقول الله: (ابنَ آدمَ قُمْ إِليَّ وَامْش إِليَّ أَهُرْوِلْ إِلَيْكَ) .

(فَصْلٌ)

وقال رحمه الله: الوصولُ إلى الله نَوعان: أحَدُهما: في الدنيا، والثاني: في الآخِرَةِ. فأما الوصولُ الدنيويُ فالمَرادُ به: أن القلوبَ تصلِ إلى مَعْرفَتِهِ، فإذا عَرَفَتْهُ أحبته، وأنِسَتْ به فوجَدْتُه منها قريبًا وَلِدُعَائِها مُجيبًا، كَما في بعض الآثار: (ابنَ آدمَ اطلبني تجدني فإن وجَدتني وجدتُ كُلَّ شيءٍ، وإن فِتُكَ فَاتكَ كُلّ شيءٍ) .

الصراطُ المستقيمُ في الدنيا يشتملُ على ثلاثِ درجاتٍ: درجةِ الإسلامِ، ودرجةِ الإيمان، ودرجةِ الإحسان. فمن سَلَكَ دَرَجَةَ الإِسلامِ إلى أن يَمُوتَ عليها مَنَّعتْهُ مِن الخلودِ في النارِ، ولم يَكُنْ له بُدُّ مِن دُخُولِ الجنة، وإن أصابَهُ قبلَ ذلكَ مَا أَصَابَهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015