موعظة
عباد الله سرور المؤمنين يوم يعبرون القناطر ويأمنون العوائر فذلك يوم عيدهم وما داموا في دار الغرور فلا غبطة ولا سرور.
وأي سرور لمن الموت معقود بناصيته والذنوب راسخة في آنيته والنفس تقوده إلى هواها والدنيا تتزين في عينه بمشتهاها.
والشيطان مستبطن فقار ظهره لا يفتر عن الوسوسة في صدره ونفسه وماله بعرضه للحوادث ولا يدري في كل نفس ما عليه حادث.
قَالَ بعضهم:
إِنِّي بُلِيتُ بِأَرْبَعٍ مَا سُلِّطُوا ... إِلا لأَجْلِ شَقَاوَتِي وَعَنَائِي
إِبْلَيْسَ وَالدُّنْيَا وَنَفْسِي وَالْهَوَى ... كَيْفَ الْخَلاصُ وَكُلُّهُمْ أَعْدَائِي
ومن ورائه المغير ومسأله منكر ونكير ويتوسد التراب إلى يوم النشور {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} يوم لا يبلغ وصف أهواله ولا شرح أحواله ما لا يسع المؤمن به أن يستقر له قرار ولا يخلد إلى هذه الدار ولا يكون له في هذه الدنيا إلا التقرب بأنواع القرب واجتناب الفواحش والريب وإقامة الدين الَّذِي في إقامته النجاة وفي تضييعه العطب العظيم.
يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَوْ عَلِمْتَ بِهَوْلِهِ ... لَفَرَرْتَ مِنْ أَهْلٍ وَمِنْ أَوْطَانِ
يَوْمٌ تَشَقَّقَتِ السَّمَاءُ لِهَوْلِهِ ... وَتَشِيبُ فِيهِ مَفَارِقُ الْوِلْدَانِ
يَوْمٌ عَبُوسٌ قَمْطَرِيرٌ شَرُّهُ ... فِي الْخَلْقِ مُنْتَشِرٌ عَظِيمُ الشَّأنِ
يَوْمٌ يَجِيءُ الْمُتَّقُونَ لِرَبِّهِمْ ... وَفْدًا عَلَى نُجُبٍ مِنَ الْعِقْيَاتِ
وَيَجِيءُ فِيهِ الْمُجْرِمُونَ إِلَى لَظى ... يَتَلَمَّظُونَ تَلَمُّظَ الْعَطْشَانِ
وَالْجَنَّةُ الْعُلْيَا وَنَارُ جَهَنَّمِ ... دَارَانِ لِلْخَصْمَيْنِ دَائِمَتانِ
اللهُمَّ اختم بالأعمال الصالحات أعمارنا وحقق بفضلك آمالنا وسهل لبلوغ رضاك سبلنا وحسن في جميع الأحوال أعمالنا يا منقذ الغرقى ويا منجي