الموقنين لذلك كانت أقوالهم وأفعالهم موزونة بما للشرع من موازين كانوا يزنون كلامهم قبل أن يلفظوا به لأنهم يوقنون أن خالقهم سمعها وشهد عليها وهو تعالى خير شاهد.
كانوا إذا أظلم الليل يقفون في محاريبهم باكين متضرعين لهم أنين كأنين المرضى ولهم حنين كحنين الثكلى وكانوا ربما مروا بالآية من كتاب الله فجعلوا يرددونها بقلب حزين فأثرت عليهم ومرضوا بعدها مات أولئك السلف الصالح الَّذِينَ تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً.
وماتت تلك الخشية وأعقبها قسوة أذهلت العباد عن طاعة الله فصاروا يأتون ويذرون دون سؤال عن سخط الله ورضاه.
وغدت جوارحهم مطلقة في كل ما يغضب الله وصارت أفعالهم فوضى ليس لها ضوابط ولا قيود العين تجول في المناظر المحرمة من نساء سافرات إلى سينما إلى تلفزيون إلى الفيديو معلم الفساد إلى كوره إلى مجلات في طيها الشرور إلى صورة مجسدة وغير مجسدة إلى كتب هدامة للأخلاق إلى غير ذلك من المحرمات التي تجرح القلوب.
والفرج يسرح كما شاء إلى الفواحش الدين ضعيف والخلق فاسد والأذن لا تشبع من سماع ما يسخط ربها والبطن يستزيد من سحت الأقوات.
وأما اليد فحدث ولا حرج في تعدي الحدود وأما اللسان فليله ونهاره يتحرك ويتقلب في منكر القول وزوره ولا كأن ربه السميع البصير العليم موجود وتراه يطعن في أعراض الغوافل ويمزق جلودهم في السب والغيبة والبهت والكذب ولا ولا يعف عن عرض أي بشر.
ويحلف بالله العلي العظيم كل يوم مرات ولا يهمه أبر في يمينه أم فجر وأما وعوده وعهوده وعقوده فتهمل ولا كأنه مكلف باحترامها فهذا وأمثاله قد