دفن الشهداء وجواب المسلمين لأبي سفيان حينما استعز واستنصر بالأصنام

عَاجِزٍ وَكَانَ هَمُّ أَبِي سُفْيَانَ أَنْ يَجِدَ رَسُولَ اللهِ ? فِي الْقَتْلَى، فَلَمَّا لَمْ يَجِدْهُ بَيْنَهُمْ، أَخَذَ الشَّكُ يُخَامِرُهُ فِي أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ، فَذَهَبَ إِلى نَاحِيَةِ الشَّعْبِ الذي اعْتَصَمَ بِهِ الرَّسُولُ ? وَأَصْحَابُهُ، وَجَعَلَ يُنَادِي: أَفِيكُمُ مُحَمَّدٌ، أَفِيكُمْ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، أَفِيكُمْ ابنُ الْخَطَّابِ، فَنَهَى رَسُولُ اللهِ ? أَنْ يُجِيبُوهُ، فَلَمَّا لَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ مِن الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ لَهُمْ: أَمَّا هَؤُلاءِ فَقَدْ كَفَيْتُمُوهمْ، فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ أَنْ قَالَ: كَذَبْتَ وَاللهِ يَا عَدُوَّ الله، قَدْ أَبْقَى اللهُ لَكَ مَا يَسُوءُكَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ، وَكَأَنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَذِرَ مِمَّا فَعَلَتْ نِسَاءُ قُرَيْشٍ بِقَتْلَى الْمُسْلِمِينَ: إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ جَعَلَ يَرْتَجِزْ قَائِلاً نِعْمَتْ فِعَالُ، إِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ، أَعْلُ هَبْلْ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ?: «قُولُوا له: اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ» . قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَنَا الْعُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ?: «قُولُوا له؛ اللهُ مَوْلاَنَا وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ» . قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا لَهُ: «لا سَوَاءَ قَتْلانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاكُمْ فِي النَّارِ» .

ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ ? بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُدْفَنَ الْقَتْلَى حَيْثُ صُرِعُوا وَقَالَ لُفُّوهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ، وَدِمَائِهِمْ، وَجِرَاحِهِمْ ... وَانْظُرُوا أَيَّهُمْ أَكْثَرَ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ، فَإِذَا أَشَارُوا إِلى رَجُلٍ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ.

وَكَانَ يَدْفُنُ الاثْنِيْنِ، وَالثَّلاثَةِ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ، لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ يَومَئِذٍ مِن الإِعْيَاءِ وَالضَّعْفِ، وَالْجِرَاحِ، فَيَعْجَزُوا أَنْ يَحْفُرُوا لِكُلِّ وَاحِدٍ قَبْرًا، وَدُفِنَ عَبْدُ اللهِ بن عَمْرِو بن حَرَامٍ، وَعَمْرُو ابنُ الْجَمُوح في قَبْرٍ وَاحِدٍ، لِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْمَحَبَّةِ فَقَالَ: «ادْفُنُوا هَذَيْنِ الْمُتَحَابَيْنِ فِي الدُّنْيَا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ حُفِرَ عَنْهُمَا بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ وَيَدُ عَبْدُ اللهِ بن حرَامٍ عَلَى جِرَاحَتِهِ كَمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015