متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - المعركة واستنهاضه همم أصحابه، وعدد القتلى والأسرى

مِن سَحائِبِ بِرِّكَ وإحْسَانِكْ وأَنْ تُوِفقَّنا لِمُوجِباتِ رَحْمَتِكَ وعَزَائِم مَغفرتِكَ.

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ العَمَلِ الذِي يُقَرِّبُنَا إِلى حُبِّكَ اللَّهُمَّ أَلْهِمْنَا ذِكْرَكَ وَوَفِّقْنَا لِشُكْرِكَ وَاحْفَظْنَا مِن الاغْتِرَارِ بِالدُّنْيَا وَالْهَوَى وَالنَّفْسِ وَعَدُوِّكَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ إِنَّكَ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

(فَصْلٌ)

وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَرِيشِهِ، يُتَابِعُ الْمَعْرَكَةَ، وَقَلْبُهُ مُتَعَلِّقٌ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَتَارَةً يَنْزِلُ إِلَيْهِمْ، فَيُنْهِضُ هِمَمَهُمْ، وَيُقَوِي بِإِذْنِ اللهِ قُلُوبَهُم، وَيَحُثُّهُمْ عَلَى الْقِتَالِ وَتَارَةً يَصْعَدُ إِلى الْجَبَلِ يَدْعُو رَبَّهُ، وَيُكَرِّرُ دُعَاءَهُ وَابْتِهَالَهُ للهِ، وَمُنَاشَدَتُهُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مِنْكَبَيْهِ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ الصِّدِيقُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَقَالَ: بَعْضُ مُنَاشَدَتِكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ مُنْجِزٌ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأُغْفِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِغْفَاءَةً وَاحِدَةً، وَأَخَذَ القَوْمُ النُّعَاسُ فِي حَالِ الْحَرْبِ، ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «أَبْشِرْ يَا أَبَا بَكْرٍ، هَذَا جَبِريلُ عَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ، وَجَاءَ النَّصْرُ، وَأَنْزَلَ اللهُ جُنْدَهُ، وَأَيَّدَ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِين، وَمَنَحَهُم أَكْتَافَ الْمُشْرِكِينَ أَسْرًا وَقَتْلاً، وَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلى أَصْحَابِهِ، يَشُدُّ عَزَائِمَهُمْ، وَيُبَشِّرُهُمْ بِنَصْرِ اللهِ وَيَقُولُ لَهُمْ: «شُدُّوا، {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} .. مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ، وَمَنْ أَسَرَا أَسِيرًا فَهُوَ لَهُ» ، فَحَمَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ حَمْلَةً صَادِقَةً، تَصَدَّعَتْ لَهَا جُمُوعُهُمْ، وَانْهَارَتْ أَمَامَهَا قُوَاهُمْ وَرَأَى الْمُشْرِكُونَ مَا أَصَابَ سَادَتِهم، فَأَلْقِيَ الرُّعْبُ فِي قُلُوبِهِمْ وَأَخَذُوا يُلْقُونَ بِأَثْقَالِهِمْ، وَيَفِرُّونَ مِنَ الْمَعْرَكَةِ، نَجَاةً بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015