النبي - صلى الله عليه وسلم - يعبئ جيشه أحسن تعبية

(فَصْلٌ)

وَعَبَّأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ تَعْبِئَةٍ لأَصْحَابِهِ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الثَّبَاتِ وَالصَّبْرِ، وَقَالَ لَهُمْ: «لا تَحْمِلُوا حَتَّى آمرَكُم، وَإِنْ اكْتَنَفَكُم القَوْمُ فَاتْصَنحُوا عَنْكُمْ بالنَّبْلِ، وَلا تَسْلُوا السُّيُوفِ حَتَّى يَغْشُوكُم» . ثُمَّ رَجَعَ إِلى العَرِيشِ، فَدَخَلَهُ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَقَامَ سَعْدُ ابنُ مُعَاذٍ وَاقِفًا عَلَى البَابِ بَابِ العَرِيشِ، مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ، وَمَعَهُ رِجَالٌ مِنْ الأَنْصَارِ، يَحْرِسُونَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّمَ خَوْفًا عَلَيْهِ أَنْ يَدْهَمُهُ العَدُوُّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالنَّجَائِبُ مُهَيَّأَةٌ لَهُ إِنِ احْتِاجَ إِلَيْهَا رَكِبَهَا وَبَدَأْتَ قُرَيْشٌ الزَّحْفَ، فَانْدَفَعَ مِنْ صُفُوفِهَا الأَسْوَدُ ابنُ عَبْدِ الأَسَدِ الْمَخْزُومِي، إلى حَوْضِ الْمَاءِ الذي أَقَامَهُ الْمُسْلِمِونَ، وَهُوَ يَقُولُ: أَعَاهِدُ اللهَ لأَشْرَبَنَّ مِنْ حَوْضِهِمْ، أَوْ لأَهْدِمَنَّهُ، أَوْ لأَمُوتَنَّ مِنْ دُونِهِ، فَتَلَقاهُ حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِضَرْبَةٍ مِنْ سَيْفِهِ أَطَنَّ بِهَا سَاقَهُ، فَوَقَعَ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ يَزْحَف حَتَّى وَصَلَ إِلى الْحَوْض، فَجَعَلَ حَمْزَة يُتْابِعَهُ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهُ فِي الْحَوْضِ، وَحَمَىَ عَتُبَة بنُ رَبِيعَةَ مِنْ قَوْلِ أَبِي جَهْلٍ، فَانْدَفَعَ مِنَ الصَّفِ بَيْنَ أَخِيهِ شَيْبَةَ، وَابْنِهِ الوَلِيدِ، يَدْعُونَ إِلى الْمُبَارَزَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ ثَلاثَةٌ مِن الأَنْصَارِ، عَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ وَعَوْفُ وَمُعَوِّذُ أَبْنَاءُ عَفراءَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: مِنَ الأَنْصَارِ. قَالُوا: أَكْفَاءٌ كِرَام، وَإِنَّما نُرِيدُ بَنِي عَمِّنَا، وَنَادَوْا يَا مُحَمَّدُ أَخْرِجْ إَلِيْنَا أَكْفَاءَنَا، فَأَخْرَجَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمْزَةَ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعُبَيْدَةَ بن الْحَارِثِ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيَّ بن أَبِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015