قصيدة زهدية وعظيمة فيها حكم وعبر

وَأَلْهَاكُمْ عَنْهَا مُتَشَاغِلُونَ كَأَنَّكُمْ بِحَقِيقَةِ مَعْرِفَتِهَا جَاهِلُونَ أَوْ كَأَنَّكُمْ إِلى غَيْرِهَا رَاحِلُونَ فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ فَاتْرُكُوا مَا أَنْتُمْ عَنْهُ مُنْقَلِبُونَ وَانْهَضُوا في التَّزوَّدِ لِمَا أَنْتُمْ إِلَيْهِ صَائِرُونَ، فَإِنَّ أَمَامَكمْ صَيْحَةٌ تُلْحِقُ الأَحْيَاءَ مِنْكُمْ بالأَمْوَاتِ وَتَذْهَلُ مَعَهَا النُّفُوسُ عَنْ مُلابَسَةِ اللذاتِ فَمَا أَقْرَبَ الوُصُولِ إِلَيْهَا لِمَنْ مَطَايَاهُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ الْمُبْلِيَانِ لِكُلِّ جَدِيدٍ الْمُقَرِّبَانِ لِكُلِّ بَعِيدٍ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ كَانَتْ الأَيَّامُ وَاللَّيَالِي مَطَايَاهُ سَارَتْ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَسِرْ. وَكَتَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إِلى أَخٍ لَهُ فَقَالَ: اعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَيْكَ أَنَّكَ مُقِيمٌ وَأَنْتَ دَائِبُ السَّيْرِ تُسَاقُ سَوْقًا حَثِيثًا وَالْمَوْتُ مُتَوَجّهٌ إِلَيْكَ وَالدُّنْيَا تُطْوَى مِنْ وَرَائِكَ وَمَا مَضَى مِنْ عُمْرِكَ فَلَنْ يَرْجَعَ إِلَيْكَ.

شِعْرًا:

تَمُرُّ اللَّيَالِي وَالْحَوَادثُ تَنْقَضِي

كَأَضْغَاثِ أَحْلام وَنَحْنُ رُقُودُ

وَأَعْجَبُ مِنْ ذَا أَنَّهَا كُلُّ سَاعَةٍ

تَجِدُ بِنَا سَيْرًا وَنَحْنُ قُعُودُ

آخر: ... وَما هَذِهِ الأَيّام إِلا مَراحِل

يَحُثُ بِهَا حَادٍ مِن الْمَوْتِ قَاصِدُ

وَأَعْجَبُ شَيْءٍ لَوْ تَأَمَّلْتَ أَنَّهَا

مَنَازِلُ تُطْوَى وَالْمُسَافِرُ قَاعِدُ

آخر: ... أَتَحْسَبِ العُمْرَ مَرْدُودًا تَصَرُمُهُ

هَيْهَاتَ أَنْ يَرْجِعَ الْمَاضِي مِنْ الْحُقُبِ

فَبَادِرِ العُمْرَ قَبْلَ الفَوْتِ مُغْتَنِمًا

مَا دُمْتَ حَيًّا فَإِنَّ الْمَوْتَ في الطَّلَبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015