أبو سفيان يتشمم أخبار المسلمين في طريقه انقسام الناس إلى قسمين

وَأَصْحَابُهُ، لا أَرَى أَنْ تُدْرِكُوهَا، الغَوْثَ الغَوْثَ، فَبَلَغَ الصَّرِيخُ أَهْلَ مَكَّةَ، فَنَهَضُوا وَأَوْعَبُوا في الْخُرُوجِ، وَأَعَانَ قَوِيُهُمْ ضَعِيفَهُمْ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجلٌ إلا خَرَجَ، أَوْ بَعَثَ مَكَانَهُ رَجُلاً، وَيَقُولُ الرُّوَاةُ: إِنَّ أُميَّةَ بنَ خَلَفٍ أَرَادَ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ النَّفِيرِ، فَجَاءَهُ عقبةُ بنُ أَبِي مُعْيطٍ، وَمَعْهُ مِجْمرةٌ وَبَخُورٌ فَوَضَعَهَا أَمَامَهُ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي نَدِيّ القَوْمِ، وَقَالَ لَهُ: اسْتَجْمِرْ أَبَا علي، فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ النِّسَاءِ فَخَجَلَ وَاسْتَحْيَا، وَقَامَ مِنْ فَوْرِهِ، فَتَجَهَّزَ وَسَارَ مَعَ النَّاسِ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْ أَشْرَافِهِمْ سِوَى أَبِي لَهَبٍ، فَإِنَّهُ عَوَّضَ عَنْهُ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ: العَاصُ بنُ هِشَامٍ، كانَ لأبي لَهَبٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُمْ مِنْ بُطونِ قُرَيْشٍ إلا بَنِي عَدِيٍّ فَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَخَرَجُوا من دِيَارِهِمْ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالى: {بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ} .

وسَارَ أَبُو سُفْيَانَ بالعِيرِ يَتَشَمَّم الأَخْبَارَ في طَرِيقِهِ، حَتَّى إِذَا قَرُبَ مِنْ بِدْرٍ، تَقَدَّمَ الْعِيرَ حَذَرًا، حَتَّى وَرَدَ الْمَاءَ، فَسَأَلَ هُنَاكَ عَنْ أَخْبَارِ الْمُسْلِمِين، فَعَلِمَ أَنَّ رَاكِبَيْنِ كَانَا قَدْ نَزَلا عَلَى تَلٍّ هُنَاك، فَأَنَاخَا رَاحِلَتَيْهِمَا سَاعَةً، حَتَّى اسْتَقَيَا مِنْ الْمَاءِ، ثُمَّ رَحَلا، فَذَهَبَ أَبُو سُفْيَانَ إِلى ذَلِكَ التَّلِّ، وَنَظَر في مُنَاخِ الرَّاحلتينِ، فَأَخَذَ مِنْ أَبْعَارِهِمَا، وَفَرَكَهُ فِي يَدِهِ، فَوَجَدَ فِيهِ آثَارَ النَّوَى، فَعَلِمَ أَنَّ الرَّاكِبَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: هَذِهِ وَاللهِ عَلائِفُ يَثْرِبَ، وَهَذِهِ عُيُونُ مُحَمَّدٍ، قَدْ أَقْبَلَتْ، تَتَجَسَّسُ أَخْبَارَنَا وَرَجَعَ مُسْرِعًا إلى الْعَيْر، فجعلَ يَضْرِبُ وُجُوهَهَا وَيُحَوّلُها عَنِ السَّيْرِ إِلى بَدْرٍ، مُتَّجِهًا بِهَا إِلى سَاحِلِ البحرِ، تَارَكًا بَدْرًا إِلى يَسَارِهِ فَاسْتطَاعَ أَنْ يَنْجُو بَأَمْوَال قُرَيْشٍ، وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ قَدْ نَجَا وَأَحْرَزَ العَيْرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015