كَلِمَتِكَ، ولا يَقْتُلُون ولا يُقْتَلُون، ولا يُجَاهِدُون جِهَادًا مَا دُونَ القِتَالِ والقَتْلِ، يَسُدُّون بِهِ ثَغْرةً وَيُسَاهِمُونَ بِهِ في الدِّفَاعِ عَنْ دِينِك الذي أَرَدْت له النَّصْرَ والاستعلاءَ، قال:
ولقد كانَتْ هذه الكماتُ تَدْخُلُ إلى قلوب مُسْتَمِعيها الأوَّلِينَ، على عهدِ الرسولِ صلَى اللهُ عليهِ وسلمَ، فَتَتَحَوَّلُ مِنْ فَوْرِهَا إلى وَاقِعٍ مِنْ وَاقع حَيَاتِهِمْ، وَلَمْ تَكُنْ مُجَرَّدَ مَعَانٍ يَتَمَلَّوْنَها بأذهانِهِمْ، وَيُحِسُّونَها مُجَرَّدَةً فِي مَشَاعِرِهِمْ، كانُوا يَتَلَقَّوْنَهَا للْعَمَل الْمبَاشِر بِها، لِتَحْوِيلِهَا إلى حَرَكةٍ مَنظورَةٍ، لا إلى صُورَةٍ مُتأمَّلَةٍ، هَكَذَا أَدْرَكَهَا عَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحة رضيَ اللهُ عَنْهُ في بَيْعَةِ العَقَبَةِ.
قال محمدُ بن كعبِ القُرَظِي: قَالَ عَبْدُ اللهِ بن رواحةَ لِرسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي لَيلةَ العقبةِ - اشْتَرطْ لِرَبِّكَ وَلِنَفْسِكَ مَا شِئْتَ، فَقَالَ: «أشْتَرِطُ لِرَبِّي أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، واشْتَرِطُ لِنَفْسِي أَنْ تَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكمْ وَأَمْوَالَكُمْ» . قَالَ: فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ؟ قَالَ: «الْجَنَّةِ» قَالُوا: رَبِحَ البَيْعُ، لا نُقِيلُ ولا نَسْتَقِيل فَنَزَلَتْ: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ} . انْتَهَى باخْتِصَار.
اللَّهُمَّ يَا عَالَم الخَفياتِ وَيَا سَامِعَ الأَصْوَاتِ وَيَا بَاعِثَ الأَمْواتِ وَيَا مُجِيبَ الدَّعَوَاتِ وَيَا قَاضِي الحَاجَاتِ يَا خَالَق الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ أَنْتَ اللهُ الأحدُ الصمدُ الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد، الوَهَّابُ الذي لا يَبْخَلُ وَالحِليمُ الذي لا يَعْجَلُ، لا رَادَّ لأمْركَ وَلا مُعَقِّبَ لِحُكَمِكَ، نَسْأَلَكَ أَنْ تَغفرَ ذُنوبَنَا وَتُنَورَ قلوبنَا وَتُثَبِّتَ مَحَبَّتَكَ فِي قُلُوبِنَا وَتُسْكِنَنَا دَارَ كَرَامَتِكَ إِنك عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.