آهٍ على ألسنةٍ لا تفترُ عَن الكَلامِ فِيمَا يَضُرُّ وَلمْ تَسْتبدِلْهُ بِتَمْجِيْد وَتَسْبِيْحِ وَتَكْبِير وَتَهْلِيلِ بَديع ِالأرضِ والسَّمواتِ.
آهٍ على أفكارٍ وأذهانٍ مَصْرُوفةٍ ومُشْتَغِلةٍ طوْل لَيلِهَا وَنَهارِهَا فَيْمَا في الدُّنيا مِنْ مَتَاعٍ وعَقَاراتٍ وَلَمْ تُفكَّرْ وَتَلْتَفِتْ وتَسْتعِدّ إلى مَا في أمامهَا مِنْ أهْوْالٍ وشدائِدَ وعَقَباتٍ ومَا في الآخِرةِ لِمنْ أَطَاعَ اللهَ مِن أنهارٍ وثمارٍ وحُورٍ حِسانٍ طَاهِراتٍ.
تاللهِ لقد فَسَدَتْ أمزِجَةُ أكْثَر النَّاسِ حَتَّى أثَّر فَسَادُهَا عَلي الأفهَامِ لذَلكَ رَجَّحُوا فانياً مُكدراً مُنَغَّصًا عَلى باقٍ ضَمِنَ صَفوهُ مُوْلي الأنعَامِ وَهَاهُم أولاءِ كَمَا تَرَى لا هَمَّ لَهُمْ وَلا عَمَل إلا للدُّنيَا ومَا لها مِنْ حُطامٍ قَالَ تَعَالى {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالأخرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَي} .
عِبَادَ اللهِ أما سَمِعتُمْ قَوْلَ نَبِيَّكُمْ ?: " أبشُروا وَأمَّلُوا ما يسُرُّكم فَوَاللهِ مَا الفَقرَ أخْشَى عَليْكُم، وَلَكِنْ أخْشَى أن تُبْسَطَ الدُنيا عَلَيْكُم كَمَا بُسِطَتْ عَلى من كانَ قَبْلََكُمْ فَتَنَافَسُوْهَا كَما تَنافَسُوهَا فَتُهَلِككم كَما أهلكتْهُم ". رَوَاهُ البُخَارِىّ ومُسلِمٌ. وَخِتَاماً:
فَيْنَبَغِيْ لِلعَاقِل أنْ يَعْرفَ شَرَفَ زَمَانِهِ وَقَدْرَ وَقْتِهِ فَلا يُضِيْعُ مِنْهُ لحظةً في غير قُربةٍ وَيُقَدَّمَ الأفضَلَ فالأفْضَلَ مِنْ القَوْلِ والعَمَل.
فوائد: كُلُ مَا يقومُ به غَيْرُكَ ويحصَلُ بذَلِكَ غَرضُكَ فإن تَشَاغِلك به غَبْنٌ فاحِش لأنَّ إحتياجُكَ إلى التشاغل بما لا يقوم به غيرُكَ مِن العلم والعمل والذِكر والفِكر آكدُ والْزَمَ وأنْفَع.
أعلم أن ما احْتَجْتَ إلى مفارقته وتركه للناس فَلَيْسَ لَكَ والشُغْلُ بما لَيَس لَكَ عَبَث.
وما المرءُ إلَّا رَاكبٌ ظَهْرَ عُمرِه ... عَلى سَفَرٍ يُفْنِيهِ في اليوم والشهرِ
يَبيْتُ ويضحي كلَّ يَومٍ وليْلَةٍ ... بَعِيْداً عن الدُّنيَا قَريباً إلى القبرِ
آخر: ... آنَ الرّحِيْلُ فَكَنْ على حذَرٍ ... ما قَدْ تَرىَ يُغنِي عن الحَذَرِ
لا تَغتِرَرْ باليَومِ أوْ بِغَدٍ ... قُلوُبُ المَغْرُورِيْنَ عَلىَ خَطَرِ