فَأقرُّوا بالقِصَّةِ وَاستدْعى الذِي في السَّجْنِ وَقَالَ لَهُ: قَدْ أقرَّ أصحَابكَ وَلاَ يُنْجِيكَ سِوَى الصَّّدق فأقرَّ بكُل مَا أقرَّ بِهِ القَوْمُ فَأغْرَمَهُمْ المَالُ وَأقَادَ مِنْهُمْ بالقَتِيْلِ.
اللهُمَّ أرْحَمْ غُرْبَتَنَا في القُبُورِ وَآمِنَّا يَوْمَ البَعْثِ والنُّشُورِ واغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَجَمِيع المُسْلمِينَ بِرَحْمتَكَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ وَصَلى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلهِ وَصْحبِهِ أَجْمَعِين.
(فصلٌ)
وَمِنْ ذَلِكَ أنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ دَفَعَا إلى امرأةٍ مِائَةَ دِيْنَارٍ وَدِيْعَة وَقَالا: لا تَدْفَعِيْهَا إلى وَاحِدٍ مِنا إلا وَمَعَهُ صَاحِبهُ، فَلَبَثَا حَوْلاً فَجَاءَ أَحَدُهُمَا فقالَ: إنَّ صَاحِبيْ قَدْ مَاتَ فَادْفَعِيْ إليَّ الدَّنَانِيرَ فَأَبَتْ، وَقَالَتْ: إِنَّكُمَا قُلتُمَا لا تَدفِعِيْهَا إلى واحِدٍ مِنّا دُوْنَ صَاحِبِه فَلَسْتُ بِدَافِعَتِهَا إلَيْكَ، فَثَقَّلَ عَلَيْهَا بِأهْلِهَا وَجِيْرَانِهَا حَتَّى دَفَعْتَهَا إلَيهِ.
ثُمَّ لَبِثَتْ حَوْلاً آخَرَ فَجَاءَ الآخَرُ فَقَالَ: ادْفَعِيْ إلَيَّ الدَّنَانِيْرَ. فَقَالَتْ: إنّ صَاحِبَكَ جَاءَنيْ فَزَعَمَ أنكَ قَدْ مُتَّ فَدَفعْتُها إليهِ. فَاخْتَصَمَا إلَى عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ فَأَرادَ أنْ يَقْضيَ عَليْهَا فقالَتْ: ادْفَعْنَا إلَى عَلِيّ بْنِ أبِيْ طَالبٍ رَضْيَ اللهُ عَنْهُ فَعَرفَ عَلِيّ أَنَّهُمَا قَدْ مَكَرا بِهَا.
فَقَالَ: أَليْسَ قُلتُمَا لا تَدْفَعِيْهَا إلَى وَاحِدٍ مِنَّا دُوْنَ صَاحِبِه. قَالَ: بَلَىَ. قَالَ: مَالُكَ عِنْدَها فَاذْهَبْ فَجِئْ بِصَاحِبَكَ حَتَّى تَدْفَعهُ إليْكُما.
وَاخْتَصَمَ إلَى إيَاسِ بْنِ مُعاويةَ رجُلانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إنَّهُ بَاعِنِيْ جَارِيَة رَعْنَا فَقَالَ إيَاسٌ: وَما عَسَى أنْ تَكُونَ هَذِهِ الرُّعُوْنَةُ؟ قَالَ: شِبْهُ الجُنونُ. فَقَالَ إيَاسٌ: لِلجَارِيَةِ أتَذْكُرِينَ مَتَى وُلِدْتِيْ؟ قَالتَ: نَعَمْ. قَالَ: فأيُّ رِجْليْكِ أطوَلُ؟ قَالَتْ: هَذِهِ. فقالَ إيَاسٌ: رُدَّهَا فَانَّهَا مَجْنُونَةٌ.