(فَصْلٌ)
وَمِنْ ذَلٍكَ أنَّهُ خَاصَمَ غُلامٌ منْ الأنْصَارِ أُمَّهُ إلى عُمَرَ بْنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه فجَحَدتْهُ فسألهُ البَيَّنَةَ فَلَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَجَاءتْ المَرأةُ بِنفَرٍ فَشَهِدُوا أنَّها لمْ تتَزوَّجْ وَأنَّ الغُلام كَاذبٌ عَليهَا وقَد قَذَفَها فَأمَرَ عُمَرُ بِضَربِهِ.
فَلَقِيَهُ عَلِيّ بْنُ أَبِىْ طَالِبٍ فَسَأَلَهُ عَنْ أَمِرِهِم فَأخْبَرَهُ فَدَعَاهُم ثُمَّ قَعَدَ في مسْجِدِ النبيّ صلي اللهُ عليه وسلم وسَألَ المَرأة فَجَحَدَتْ فَقَالَ للغُلامِ: اجحدْهَا كَمَا جَحَدَتْكَ. فَقَالَ: يَا ابْنَ عمَّ رَسُولِ الله صلي الله عليه وسلم إنها أمي. قال: اجْحَدْهَا وأنا أبُوكَ وَالحَسَنُ وَالحُسيْنُ أخَوَاكَ.
قَالَ: قَدْ جَحَدْتُهَا وَأنكَرْتُهَا. فَقَالَ عَلِىُّ لأولياءِ المرأةِ أَمْريْ في هَذِهَ المَرأةِ جَائِزٌ. قَالُوا: نَعَمْ وَفِينَا أَيْضاً. فقَالَ: أُشِهِدُ مَنْ حَضَرَ أنّيْ قَدْ زَوَّجْتُ هذا الغُلامَ مِنْ هَذِهِ المَرْأةِ الغَرِيبةِ مِنْهُ يا قَنْبَرُ ائْتِنِيْ بِدَراهِمَ فأتاهُ فَعَدَّ أرْبَعْمَائةٍ وَثَمَانِيْنَ دِرْهَماً فَقَذَفَهَا مَهْراً لَهَا.
وَقَالَ للغُلامِ خُذْ بَيَدِ امْرأَتِكَ ولا تَأْتِنَا إلاَّ وَعَلَيْك أثرُ العُرسِ فَلَمَّا وَلى قَالتْ المَرأةُ: يَا أبَا الحَسَنِ الله الله هُو النَّارُ هُوَ والله ابْنيْ.
قَالَ: وكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالتْ: إنَّ أَبَاهُ كَانَ هَجِيناً – الهَجِيْنُ عَرَبيّ وُلدَ من أمةٍ أوْ مِنْ أبُوهُ خَيْرٌ مِنْ أُمَّهِ – وإنَّ إِخوِتي زَوَّجُونِي مِنهُ فَحَمَلْتُ بِهَذا الغُلام وخرجَ الرَّجُل غَازِيَاً فَقُتِلَ وَبَعَثْتُ بِهَذا إلي حَيّ بَنِي فُلانٍ فَنَشَأَ فِيهمْ وَأنِفْتُ أنْ يَكُونَ ابْنِيْ فَقَالَ عَلِيُّ: أنا أبُو الحَسَنِ وَأَلْحَقَهُ بِهَا وَثَبَّتَ نَسَبَهُ.
وَمِنْ ذَلك أنَّ عُمرَ بن الخطَّابِ سَألَ رَجُلاً كيْفَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِمَّنْ يُحِبُّ